للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [الجواب على شبه الذين جوزوا الحيل تفصيلًا]

قالوا: ونحن نذكر ما تمسكتم به في تقرير الحيل والعمل بها، ونبيِّن ما فيه، مُتَحَرِّينَ للعدل والإنصاف، منزهين لشريعة اللَّه وكتابه وسنة رسوله عن المَكْر (١) والخِدَاع والاحتيال المحرَّم، ونبيِّن انقسام الحيل والطرقِ إلى ما هو كفر محض، وفسق ظاهر، ومكروه، وجائز، ومستحب، وواجب عقلًا أو شرعًا، ثم نذكر فصلًا نبيِّن فيه التعويض بالطرق الشرعية عن الحيل الباطلة، فنقول وباللَّه التوفيق و [هو] (٢) المستعان وعليه التكلان:

[[الكلام على قصة أيوب]]

أما قوله تعالى لنبيه أيوب عليه السلام: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: ٤٤] فقال شيخنا رحمه اللَّه (٣): الجواب أن هذا ليس مما نحن فيه؛ فإن للفقهاء في موجب هذه اليمين في شرعنا قولين، يعني إذا حلف ليضربَنَّ عبده أو امرأته مئة ضربة:

أحدهما: قول من يقول موجبها الضرب مجموعًا أو مُفَرَّقًا، ثم منهم من يشترط مع الجمع الوصول إلى المضروب؛ فعلى هذا تكون [هذه] (٤) الفُتيا موجب هذا اللفظ عند الإطلاق، وليس هذا (٥) بحيلة، إنما الحيلة أن يُصْرَفَ اللفظُ عن موجبَه عند الإطلاق.

والقول الثاني: إن موجبه الضرب المفرَّق (٦)، وإذا كان هذا موجبه في شرعنا لم يصح الاحتجاج علينا بما يخالف شرعنا من شرائع من قبلنا؛ لأنَّا إن قلنا: "ليس شرعًا لنا مطلقًا" فظاهر، وإن قلنا: "هو شرع لنا" فهو مشروطٌ بعدم مخالفته لشرعنا، وقد انتفى الشرط.

وأيضًا؛ فمن تأمَّل الآية علم أن هذه الفُتْيَا خاصة الحكم؛ فإنها لو كانت


(١) في (د) و (ط) و (و): "المنكر"!
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٣) هو شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللَّه- ونقل ابن القيم عنه إلى آخر هذا الفصل من "بيان الدليل" (ص: ٣٨٤ - ٣٩٠) بتصرف واختصار وزيادة، فأشرنا إلى المهم من ذلك.
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٥) في (ك): "وهذا ليس".
(٦) في نسخ "الإعلام": "المعروف".

<<  <  ج: ص:  >  >>