للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالطلاق الثلاث (١)، وإذا اختلف الصحابة وغيرهم فالحاكم هو الحجة.

الثالث: أنه ليس في اتباع قول عمر [بن الخطاب] (٢) -رضي اللَّه عنه- في هاتين المسألتين وتقليد الصحابة -لو فُرض- له في ذلك ما يسوغ تقليد من هو دونه (٣) بكثير في كل ما يقوله وتَرْك [قول من هو [مثله ومن هو] (٤) فوقه] (٥) وأعلم منه، فهذا من أبطل الاستدلال، وهو تعلُّق ببيت العنكبوت فقلَّدوا عمر واتركوا تقليد فلان وفلان، فأما وأنتم تصرحون بأن عمر لا يُقلَّد وأبو حنيفة والشافعي ومالك يُقلَّدون فلا يمكنكم الاستدلال بما أنتم مخالفون له، فكيف يجوز للرجل أن يحتج بما لا يقول به؟

[قول عمر: لو فعلتُ صارتْ سنةً]

الوجه الرابع والخمسون: قولكم: "إن عمرو بن العاص قال لعمر لما احتلم: خذ ثوبًا غير ثوبك، فقال: لو فعلت صارت سنة" (٦) فأين في هذا من الإذن من عمر في تقليده والإعراض عن كتاب اللَّه وسنة رسوله؟ وغاية هذا أنه تركه لئلا يقتدِيَ به من يراه، ويفعل ذلك؛ ويقول: لولا أن هذا سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما فعله عمر؛ فهذا هو الذي خشيه عمر -رضي اللَّه عنه-، والناس مقتدون بعلمائهم شاءوا أم أبوا فهذا هو الواقع وإن كان الواجب فيه تفصيل.

[[ما استبان فاعمل به وما اشتبه فكله لعالمه]]

الوجه الخامس والخمسون: قولكم: "قد قال أبيّ: ما اشتبه عليك فَكِلْهُ إلى


(١) روى مسلم في "صحيحه" (١٤٧٢) عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبى بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم.
وله لفظ آخر في "صحيح مسلم" أيضًا.
لكن جاء بأسانيد صحيحة عن ابن عباس أنه جعل الثلاث ثلاثًا! فانظر الروايات في "سنن البيهقي" (٧/ ٣٣٧)، وانظر "إرواء الغليل" (٧/ ١٢١)، وانظر: "زاد المعاد" للمؤلف (٥/ ٢٤١ - ٢٧٢).
(٢) ما بين المعقوفتين من (ك) و (ق).
(٣) في (ق) و (ك): "دونهم".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٥) بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "من هو فوقه".
(٦) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>