للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه أرضه ويقول: اغرسها من الأشجار كذا وكذا والغرس بيننا نصفان (١)، وهذا كما يجوز أن يدفع إليه ماله يتجر فيه والربح بينهما نصفان (١)، وكما يدفع إليه أرضه يزرعها والزرع بينهما، وكما يدفع إليه شجرة يقوم عليها والثمر (٢) بينهما، وكما يدفع إليه بقره أو غنمه أو إبله يقوم عليها (٣) والدَّرُّ والنَّسْل بينهما، وكما يدفع إليه زيتونه يعصره والزيت بينهما، وكما يدفع إليه دابته يعمل عليها والأجرة بينهما، وكما يدفع إليه فرسه يَغْزُو عليها وسهمها بينهما، وكما يدفع إليه قناة يستنبط ماءها والماء بينهما، ونظائر ذلك.

[[كل ما مضى شركة صحيحة]]

فكل (٤) ذلك شركة صحيحة قد دلَّ على جوازها النص والقياس واتفاق الصحابة ومصالح الناس، وليس فيها ما يوجب تحريمها من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس ولا مصلحة ولا معنى صحيح يوجب فسادها، والذين منعوا ذلك (٥) عذرهم أنهم ظنوا ذلك كله من باب الإجارة فالعوض مجهول فيفسد (٦).

[[حكم المساقاة والمزارعة والمضاربة]]

ثم منهم من أجاز المساقاة والمزارعة للنص الوارد فيها والمضاربة للإجماع (٧) دون ما عدا ذلك، ومنهم من خص الجواز بالمضاربة، ومنهم من جوَّز بعض أنواع المساقاة والمزارعة، ومنهم من منع الجواز فيما إذا كان بعض الأصل يرجع إلى العامل كقفيز الطَّحان وجوزه فيما إذا رجعت إليه (٨) الثمرة مع بقاء الأصل كالدر والنسل، والصواب جواز ذلك كله، وهو مقتضى أصول الشريعة وقواعدها؛ فإنه من باب المشاركة التي يكون العامل فيها شريك المالك؛ هذا بماله وهذا بعمله، وما رزق (٩) اللَّه فهو بينهما، وهذا عند طائفة من أصحابنا أولى بالجواز من الإجارة، [حتى] قال شيخ الإسلام (١٠): هذه المشاركات أحل من


(١) في (ق) و (ك): "نصفين".
(٢) في (ك): "والثمن".
(٣) في (ك): "عليه".
(٤) في (ك): "وكل".
(٥) في (ق): "والذين منعوا من ذلك".
(٦) في (ق): "فتفسد"، وفي (ك): "والعوض".
(٧) في (ك): "بل لاجماع".
(٨) في (ق): "فيه".
(٩) في (ك): " يرزق".
(١٠) في "مجموع الفتاوى" (٢٨/ ٨٤ - ٨٥) بنحوه، وانظر أيضًا (٢٠/ ٥٠٩ - ٥١٠، و ٢٥/ ٦١ و ٢٩/ ١٠٠ و ٣٠/ ١٤١، ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>