للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[رأي الصحابة خير من رأينا لأنفسنا]]

وحقيق بمن كانت آراؤهم بهذه المنزلة أن يكون رأيهم لنا خيرًا من رأينا [لأنفسنا، وكيف لا] (١)، وهو الرأي الصادر من قلوب ممتلئة نورًا وإيمانًا وحكمةً وعلمًا ومعرفةً وفهمًا عن اللَّه ورسوله ونصيحةً للأمة، وقلوبهم على قلب نبيهم (٢)، ولا واسطة بينهم وبينه، وهم ينقلون العلم والإيمان من مشكاة النبوة غَضًّا طريًا لم يَشُبْه إشكالٌ، ولم يَشُبه خلافٌ (٣)، ولم تدنسه (٤) معارضة، فقياس رأي غيرهم بآرائهم (٥) من أفسد القياس.

[فصل النوع الثاني من الرأي المحمود]

الرأي الذي يفسر النصوص، ويبيّن وجه الدلالة منها، ويقررها ويوضح محاسنها، ويُسهِّل طريق الاستنباط منها، كما قال عَبْدَان: سمعت عبد اللَّه بن المبارك يقول: "ليكن الذي تعتمد عليه الأثر، وخذ من الرأي ما يفسر لك الحديث" (٦).

وهذا هو الفهم الذي [يختص اللَّه سبحانه به] (٧) من يشاء من عباده.

ومثال هذا رأي الصحابة [-رضي اللَّه عنهم-] (٨) في العَوْل (٩) في الفرائض عند تزاحم الفروض، ورأيهم في مسألة زوج وأبوين وامرأة وأبوين أن للأم ثلث ما بقي بعد فرض الزوجين، ورأيهم في توريث المَبْتُوتَة في مرض الموت، ورأيهم في مسألة جَرِّ الولاء، ورأيهم في المُحْرم يقع على أهله بفساد حجه ووجوب المُضيّ فيه


(١) في (ق): "خيرًا من رأينا فكيف لا".
(٢) في (ق) بعدها: "صلى اللَّه عليه وسلم".
(٣) في (ك) و (ق): "اختلاف".
(٤) في (ق): "يدنسه".
(٥) في (ق) و (ك): "بقياس آرائهم".
(٦) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٨/ ١٦٨)، وابن عبد البر في "الجامع" (رقم ١٤٥٧)، وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام" (٢/ ٢٦٨ رقم ٣٤٣) عن عبدان بن عثمان به.
(٧) في (ق): "يخص اللَّه به".
(٨) سقط من (ق).
(٩) "عالة الفريضة": إذا ارتفعت، وزادت سهامها على أصل حساب الموجب عن عدد وارثيها، كمن مات وخلف ابن تين وأبوين وزوجة، فللابنتين الثلثان، وللأبوين السدسان، وهما الثلث، وللزوجة الثمن، فمجموع السهام واحد، وثمن واحد، فأصلها ثمانية، والسهام تسعة" لابن الأثير (و).

<<  <  ج: ص:  >  >>