للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والباطل، والهُدى والضلال، والغي والرشاد، ويمده حسن القصد، وتحري الحق، وتقوى الرب في السر والعلانية، ويقطع مادته اتباع الهوى، وإيثار الدنيا، وطلب محمدة الخلق، وترك التقوى.

[[التمكن بنوعين من الفهم]]

ولا يتمكن المفتي [ولا] (١) الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم:

أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه، واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن (٢) والأمارات والعلامات، حتى يحيط به علمًا.

والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حُكْم اللَّه الذي حَكَم به في كتابه أو على لسان رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الواقع، ثم يطبق أحدهما على الآخر؛ فمن بَذَلَ جَهْده واستفرغ وُسْعه في ذلك لم يعدم أجرين أو أجرًا (٣)؛ فالعالم مَنْ يتوصل بمعرفة الواقع [والتفقه فيه] (٤) إلى معرفة حكم اللَّه ورسوله، كما توصل شاهد يوسف بشق القميص من دُبُرٍ إلى معرفة براءته وصدقه، وكما توصل سليمان -صلى اللَّه عليه وسلم- (٥) بقوله: "ائتوني بالسكين حتى أشق الولد بينكما" (٦) إلى معرفة عين الأم (٧)، وكما توصَّل أميرُ المؤمنين علي -رضي اللَّه عنه- (٨) بقوله للمرأة التي حملت كتاب


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ن): "به القرائن"، وفي (ق): "فهم الواقع أي: الفقه فيه باستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن".
(٣) انظر: "الطرق الحكمية" (٢/ ٣)، و"زاد المعاد" (٢/ ٧٨)، و"البدائع" (٣/ ١١٧)، و"مدارج السالكين" (١/ ٤١).
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) وفي (ك): "والتفقه" دون "فيه".
(٥) في (ق): "عليه السلام".
(٦) "ادعت امرأتان ولدًا، فحكم داود -كما رُوي- للكبرى، فقال سليمان ائتوني بالسكين أشقه بينهما، فسمحت الكبرى بذلك، وقالت الصغرى: لا تفعل -يرحمك اللَّه! - هو ابنها، فقضى به للصغرى" "الطرق الحكمية" (ص ٥)، للإمام ابن القيم" (و) اهـ.
وفي (ك): "أشقق الولد بينهما".
(٧) رواه البخاري (٣٤٢٧) في (أحاديث الأنبياء): باب قول اللَّه تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٠)}، (٦٧٦٩) في (الفرائض): باب إذا ادعت المرأة ابنًا، ومسلم (١٧٢٠) في (الأقضية): باب اختلاف المجتهدين، من حديث أبي هريرة.
(٨) في الأصول جميعًا: "عليه السلام"!! بدل "-رضي اللَّه عنه-" وجاء في (ق): "علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>