للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون فذًا فيها، والطائفتان احتجّوا بحديث أبي بكرة، والتحقيق أنه قضيةُ عين: يحتملُ دخوله في الصف قبل رفع الإمام، ويحتمل أنه لم يدخل فيه حتى رفع الإمام، وحكاية الفعل لا عمومَ لها، فلا يمكن أن يحتجّ بها على الصورتين، فهي إذًا مجملة متشابهة، فلا يُترك لها النَّص المحكم الصريح، فهذا مقتضى الأصول نصًا وقياسًا (١)، وباللَّه التوفيق.

[[الأذان للفجر قبل دخول وقتها]]

المثال السادس والأربعون: رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في جواز الأذان للفجر قبل دخول وقتها كما في "الصحيحين" من حديث سالم بن عبد اللَّه، عن أبيه، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابنِ أُمِّ مكتوم" (٢)، وفي "صحيح مسلم"، عن سَمُرة عنْ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يغرَّنكم نداء بلال، ولا هذا البَيَاض حتى يَنفجرَ الفَجرُ" (٣)، وهو في "الصحيحين" من حديث ابن مسعود، ولفظه: "لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره (٤)، فإنه يؤذن -أو قال: ينادي- بليل ليرجعَ قائِمَكُم وينتبه نائمُكم" (٥)، قال مالك (٦): لم تَزلْ الصبح يُنادى لها قبل الفجر، فردَّت هذه السنة لمخالفتها


(١) انظر: "بدائع الفوائد" (٣/ ٨٥ - ٨٦).
(٢) رواه البخاري (٦١٧) في (الأذان): باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره، و (٦٢٠) في الأذان بعد الفجر، و (٦٢٣) في الأذان قبل الفجر، و (١٩١٨) في (الصوم): باب قول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال"، و (٢٦٥٦) في (الشهادات): باب شهادة الأعمى، و (٧٢٤٨) في (أخبار الآحاد): باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، ومسلم (١٠٩٢) في (الصيام): باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر.
(٣) رواه مسلم برقم (١٠٩٤) في (الصيام): باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر.
(٤) "بفتح السين: اسم ما يتسحر به من الطعام والشراب، وبالضم: المصدر، والفعل نفسه أكثر ما يروى بالفتح، وقيل: إن الصواب بالضم؛ لأنه يالفتح: الطعام والبركة والأجر والثواب في الفعل، لا في الطعام" (و).
(٥) رواه البخاري (٦٢١) في (الأذان): باب الأذان قبل الفجر، و (٥٢٩٨) في (الطلاق): باب الإشارة في الطلاق والأمور، ومسلم (١٠٩٣) في (الصوم): باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر.
(٦) في "الموطأ" (١/ ٧٢)، ونقله البيهقي في "الخلافيات" (١/ ق ١٤٧/ ب)، والزيلعي في "نصب الراية" (١/ ٢٨٥)، ومحمد بن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (١/ ٦٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>