للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تستَطِلْ هذا الفصلَ المعترض في المفتي والشاهد والحاكم، [بل] (١) وكل مسلم أشد ضرورة إليه من الطعام والشراب والنفس، وباللَّه التوفيق، [وإليه الملجأ] (٢).

[فصل [مثل المشرك]]

ومنها قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (٣١)} [الحج: ٣٠، ٣١]، فتأمل هذا المثلَ ومطابَقَتَهُ لحال مَنْ أشرك باللَّه وتعلَّق بغيره، ويجوز لَكَ في هذا التشبيه أمران:

أحدهما: أن تجعله تشبيهًا مركَّبًا، ويكون قد شبه مَنْ أشْرَك باللَّه، وعَبَدَ معه غيرَه [برجل] (٣) قد تسبَّب إلى هَلاكَ نفسه هلاكًا لا يُرْجَى معه نجاةٌ، فصَوَّرَ حاله بصورة حالِ مَنْ خَرَّ من السماء فاختطفته الطيرُ في الهوى فتمزَّق مِزعًا (٤) في حواصلها، أو عَصَفَتْ به الريحُ حتى هَوَتْ به (٥) في بعض المطارح البعيدة، وعلى هذا لا تنظر (٦) إلى كل فرد من أفراد المشبَّه ومُقَابِله (٧) من المُشَبَّه به.

والثاني: أن يكون من التشبيه المُفَرَّقِ، فيقابَلُ كلُّ واحدٍ من أجزاء الممثَّلِ بالممثَّل به، وعلى هذا فيكون قد شَبَّهَ الإيمانَ والتوحيدَ في عُلُوه وسَعَته [وشَرَفه] (١) بالسماء التي هي مصْعَدُهُ ومَهْبطُه، فمنها يهبط إلى الأرض، وإليها يصعد منها، وشبَّه تارك الإيمان والتوحيد بالسَّاقط من السماء إلى أسفل سافلين من حيث الضيق (٨) الشديدُ والآلام المتراكمة والطيرُ التي تخطف (٩) أعضاءه وتمزِّقُه كل ممزَّقٍ بالشياطين التي يُرْسِلُها اللَّه سبحانه [وتعالى] (١) عليه وتَؤُزُّهُ أزًّا


= مرفوعًا، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، لكن رواه عبد الرزاق (٦٧٠٣)، وابن أبي شيبة (٣/ ٣٨٣ - ٣٨٤) من طريق جعفر بن سليمان، ويزيد بن هارون عن محمد بن عمرو به موقوفًا على أبي هريرة، ومثل هذا له حكم الرفع.
ورواه أحمد (٢/ ٤٤٥) وغيره من طريق السدي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا، بالقسم الأول منه فقط.
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) ما بين المعقوفتين من (ك).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٤) في المطبوع: "فتمزق مزقًا".
(٥) في (ن): "أو عصف به حتى هوى به".
(٦) في (ق): "ينظر".
(٧) في (ق): "مقابلته" وفي الهامش: "لعله مقابل".
(٨) في المطبوع: "التضييق".
(٩) في المطبوع: "والطير الذي تخطف".

<<  <  ج: ص:  >  >>