للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاسمعوا الآن هدْم الأصول الفاسدة التي يُعترض بها على النصوص الصحيحة: أما قولكم: "إنه تضمّن الرد من غير عيب ولا فوات صفة" فأين في أصول الشريعة المُتلقّاة عن صاحب الشرع ما يدل على انحصار الرد بهذين الأمرين؟ وتكفينا هذه المطالبة، ولن تجدوا إلى إقامة الدليل على الحصر سبيلًا؛ ثم نقول: بل أصول الشريعة توجبُ الرد بغير ما ذكرتم، وهو الرد بالتدليس والغش، فإنه هو والخلف في الصفة من باب واحد، بل الرد بالتدليس أولى من الرد بالعيب، فإن البائع يُظهر صفة المبيع تارة بقوله وتارة بفعله، فإذا أظهر للمشتري أنه على صفة فبان بخلافها كان قد غشه ودلّس عليه، فكان له الخيار بين الإمساك والفسخ، ولو لم تأت الشريعة بذلك لكان هو محْض القياس وموجب العدل فإن المشتري إنما بَذل ماله [في المبيع] (١) بناء على الصفة التي أظهرها له البائع، ولو علم أنه على خلافها لم يبذل له فيها ما بذل، فإلزامه للمبيع (٢) مع التدليس والغش من أعظم الظلم الذي تتنزّه الشريعة عنه، وقد أثبت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الخيار للركبان إذا تُلُقُّوا واشتُرِيَ منهم قبل أن يهبطوا السوق ويعلموا السِّعْر (٣)، وليس ههنا عيبٌ ولا خلف في صفة، ولكن فيه نوع تدليس وغش.

[فصل [الخراج بالضمان]]

وأما قولكم: "الخراج بالضمان" (٤) فهذا الحديث وإن كان قد رُوي فحديث


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٢) في (ق): "بالمبيع".
(٣) رواه مسلم (كتاب البيوع): باب تحريم تلقي الجلب (١٥١٩) (١٧)، من حديث أبي هريرة.
(٤) رواه أحمد (٦/ ٨٠ و ١١٦)، وأبو داود (٣٥١٠) في (البيوع): باب فيمن اشترى عبدًا فاستعمله ثم وجد به عيبًا، والترمذي تعليقًا، بإثر حديث (١٢٨٥) في (البيوع): باب ما جاء فيمن يشتري العبد ويستغله ثم يجد به عيبًا، وابن ماجه (٢٢٤٣) في (التجارات): باب الخراج بالضمان، والدارقطني (٣/ ٥٣)، والطحاوي (٤/ ٢١ - ٢٢)، وابن الجارود (٦٢٦)، والحاكم (٢/ ١٤ - ١٥) من طرق عن مسلم بن خالد الزنجي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا، وقال أبو داود: إسناده ليس بذلك، وأما الحاكم فصححه ووافقه الذهبي.
قلت: مسلم بن خالد ضعيف سيء الحفظ، ولكه توبع.
فرواه: الترمذي (١٢٨٦)، وابن عدي (٥/ ١٧٠٢)، والبيهقي (٥/ ٣٢٢) من طريق عمر بن علي المقدمي عن هشام به. =

<<  <  ج: ص:  >  >>