للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء (١) ورَّى أولم يُوَرِّ، وأيضًا فاشتراط التورية إبطال لرخصة التكلم مع الإكراه، ورجوع إلى القول بنفوذ طلاق المكره، فإنه لو ورَّى بغير إكراه لم يقع طلاقه، والتأثير إذًا إنما هو للتورية لا للإكراه، وهذا باطل، وأيضًا (٢) فإن المورّيَ إنما لم يقع طلاقه مع قصده للتكلم باللفظ؛ لأنه لم يقصد مدلوله، وهذا المعنى بعينه ثابت في الإكراه، فالمعنى الذي منع من النفوذ في [التورية هو الذي منع النفوذ في] (٣) الإكراه.

[فصل [المخرج الرابع: ويشتمل على حكم الاستثناء في الطلاق]]

المخرج الرابع: أن يستثني في يمينه أو طلاقه، وهذا موضع اختلف فيه الفقهاء (٤)، فقال الشافعي وأبو حنيفة [رحمهما اللَّه] (٥): يصح الاستثناء في الإيقاع والحلف، فإذا قال: "أنت طالق إن شاء اللَّه"، أو "أنت حرة إن شاء اللَّه"، أو "إن كلَّمتِ فلانًا فأنت طالق إن شاء اللَّه"، أو "الطلاق يلزمني لأفعلنَّ كذا إن شاء اللَّه"، أو "أنت عليَّ حرام أو الحرام يلزمني إن شاء اللَّه" نفعه الاستثناء، ولم يقع به طلاق في ذلك [كله] (٣).

ثم اختلفا في الموضع الذي يعتبر فيه الاستثناء، فاشترط أصحاب أبي حنيفة اتصاله بالكلام فقط، سواء نواه من أوله أو قبل الفراغ من كلامه أو بعده. وقال أصحاب الشافعي: إن عقد اليمين ثم عنَّ له الاستثناء لم يصح، وإن عَنَّ له الاستثناء في أثناء اليمين فوجهان:

أحدهما: يصح.

والثاني: لا يصح. وإن نوى الاستثناء مع عقد اليمين صح وجهًا واحدًا، وقد ثبت بالسنة الصحيحة أن سليمان بن داود -رضي اللَّه عنه- (٦) قال: لأطوفنَّ الليلة على كذا وكذا امرأة تحمل كل امرأة منهنَّ غلامًا يقاتل في سبيل اللَّه، فقال له المَلَك الموكل به: قل: إن شاء اللَّه، فلم يقل، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده لو


(١) في (ق) و (ك): "فسواء".
(٢) في (ق): "أيضًا" دون واو.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) انظر: مباحث الاستثناء في "بدائع الفوائد" (٣/ ٥٦ - ٧٦) مهم، و"شفاء العليل" (ص ١٠٣)، و"مدارج السالكين" (٢/ ٤٣١)، و"زاد المعاد" (٢/ ١٨٢).
(٥) ما بين المعقوفتين من (ق).
(٦) في (ق): "-صلى اللَّه عليه وسلم-".

<<  <  ج: ص:  >  >>