للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مسألة فيفتي فيها بعضهم بالخطأ ولا يفتي فيها غيره بالصواب، ويظفر فيها بالهدى من بعدهم، واللَّه المستعان (١).

[هم معتصمون باللَّه وهدوا إلى الحق]

الوجه الحادي عشر: قوله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران: ١٠١]، ووجه الاستدلال بالآية أنه سبحانه أخبر عن المعتصمين به أنهم (٢) قد هدوا إلى الحق، فنقول: الصحابة رضوان اللَّه عليهم معتصمون باللَّه فهم مهتدون (٣)، فاتباعهم واجب (٤)، أما المقدمة الأولى فتقريرها من وجوه:

أحدها: قوله تعالى (٥): {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج: ٧٨]، ومعلوم كمال تَولي اللَّه تعالى [لهم] (٦) ونصره إياهم أتم نصرة، وهذا يدل على أنهم اعتصموا به أتم اعتصام، فهم مهديون (٧) بشهادة الرب تعالى لهم بلا شك، واتباع المهدي واجب شرعًا وعقلًا وفطرة بلا شك، وما يرد على هذا الوجه من أن المتابعة لا تستلزم المتابعة في جميع أمورهم فقد تقدم جوابه.

[[أصحاب محمد أولى بوصف الأئمة من أصحاب موسى]]

الوجه الثاني عشر: قوله سبحانه عن أصحاب موسى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: ٢٤] فأخبر سبحانه أنه جعلهم أئمة يأتم بهم من بعدهم لصبرهم ويقينهم؛ إذ بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين فإن الداعي إلى اللَّه تعالى لا يتم له أمره إلا بيقينه (٨) للحق الذي يدعو إليه وبصيرته به وصبره على تنفيذ الدعوة إلى اللَّه باحتمال مشاق الدعوة وكف النَّفس عما يوهن عزمه ويضعف إرادته، فمن كان بهذه المثابة كان من الأئمة الذين يهدون بأمره سبحانه، ومن المعلوم أن أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أحق وأولى بهذا الوصف من أصحاب موسى، فهم أكمل يقينًا وأعظم صبرًا من جميع الأمم، فهم


(١) هذا الدليل يكاد يكون تكرارًا لما قبله (س).
(٢) في المطبوع: "بأنهم".
(٣) في (ك) و (ق): "مهديون".
(٤) في (ق): "واتباعهم واجب".
(٥) في (ق): "في قوله".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ط).
(٧) الهداية المطلقة الكاملة (س).
(٨) في (ق): "بتيقنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>