للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النساء: ١١٥] فإن لفظ الأمة ولفظ سبيل المؤمنين لا يمكن توزيعه على أفراد الأمة وأفراد المؤمنين، بخلاف لفظ السابقين، فإنه يتناول كل فرد من السابقين (١).

[[الآية تعم اتباعهم مجتمعين ومنفردين]]

وأيضًا فالآية تعم اتباعهم مجتمعين ومنفردين في كل ممكن؛ فمن اتَّبع جماعتَهم (٢) إذا اجتمعوا واتبع آحادهم فيما وجد (٣) عنهم مما لم يخالفه فيه غيره منهم فقد صَدَق عليه أنه اتَّبع السابقين، أما من خالف بعض السابقين فلا يصح أن يقال: "اتبع السابقين" لوجود مخالفته لبعضهم، لا سيما إذا خالف هذا مرة وهذا مرة، وبهذا يظهر الجواب عن اتّباعهم إذا اختلفوا؛ فإن اتباعهم هناك قبول (٤) [بعض] (٥) تلك الأقوال باجتهاد واستدلال، إذ هم مجتمعون على تسويغ (٦) كل واحد من تلك الأقوال لمن أدَّى اجتهاده إليه، فقد قصد اتباعهم أيضًا، أما إذا قال الرجل قولًا ولم يخالفه غيره، فلا يُعلم أن السابقين سوَّغوا خلاف ذلك القول.

[الآية تقتضي اتباعهم مطلقًا]

وأيضًا؛ فالآية تقتضي اتّباعهم مطلقا، فلو فرضنا أن الطالب وقف (٧) على نص يخالف قول الواحد منهم، فقد علمنا أنه لو ظفر بذلك النص لم يعدل عنه، أما إذا رأينا رأيًا فقد يجوز أن يخالف ذلك الرأي (٨)، وأيضًا فلو لم يكن اتّباعهم إلا فيما أجمعوا عليه كلهم لم يحصل اتباعهم إلا فيما قد علم أنه من دين الإسلام بالاضطرار؛ لأن السابقين الأولين خَلقٌ عظيم، [و] (٩) لم يعلم أنهم أجمعوا إلا على ذلك (١٠)؛ فيكون هذا الوجه هو الذي قبله، وقد تقدم بطلانه؛ إذ


(١) فلما جاءت الآية بلفظ العموم الذي يتناول كل فرد من السابقين؛ دلت على أن الرضوان حاصل لمن اتبع كل واحد منهم لأنه داخل في عموم الآية (س).
(٢) في (ق): "اجتماعهم".
(٣) في (ق) و (ك): "وجده".
(٤) في الأصول: "قول" ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) في المطبوع: "تسوية".
(٧) في (ك) و (ق): "عثر".
(٨) فاتباع الواحد منهم لازم على خلاف الرأي والاستدلال فيما لا يخالف نصًا (س).
(٩) ما بين المعقوفتين سقط من (ق)، وما بعدها في (ك) و (ق): "لم يعلموا".
(١٠) وهذا الكلام من الإمام ابن القيم رحمه اللَّه تعالى يوافق كلام الشافعي في حصر الإجماع الممكن فيما هو معلوم من الدين بالضرورة، وهو كذلك قول ابن حزم والإمام الصنعاني والشوكاني رحمهم اللَّه تعالى، ومن قبل كلام الإمام أحمد بمعناه (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>