للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [حكومة النَّبيَّين الكريمين داود وسليمان]

وعلي هذا الأصل تنبني الحكومة المذكورة في كتاب اللَّه [عز وجل] (١) التي حكم فيها النَّبيّان الكريمان داود وسليمان صلى اللَّه عليهما وسلم؛ إذ حكما في الحرث الذي نفشت فيه غنم القوم، والحرث: هو البستان، وقد رُوي أنه كان بستان عنب، وهو المُسمَّى بالكرم، والنَّفش: رعيُ الغنم ليلًا، فحكم داود بقيمة المُتْلَف، فاعتبر الغنم فوجدها بقدر القيمة، فدفعها إلى أصحاب الحرث، إما لأنهم (٢) لم يكن لهم دراهم أو تعذر بيعها [ورضوا بدفعها] (١) ورَضي أولئك بأخذها بدلًا عن القيمة، وأما سليمان فقضى بالضمان على أصحاب (٣) الغَنَم أن يضمنوا ذلك بالمثل بأن يَعْمروا البُستان حتى يعود كما كان، ولم يُضيّع عليهم مغله من (٤) الإتلاف إلى حين العود، بل أعطى [أصحاب البستان] (٥) ماشية أولئك ليأخذوا من نمائها بقدر نماء البستان فيستوفوا من نماء غنمهم نظير ما فاتهم من نَماءِ حَرْثهم، وقد اعتبر النماءين فوجدهما (٦) سواء، وهذا هو العلم الذي خصَّه اللَّه به وأثنى عليه بإدراكه (٧).

وقد تنازع علماء المسلمين في مثل هذه القضية (٨) على أربعة أقوال:

أحدها: موافقة الحكم السُّليْمَاني في ضمان النَّفش وفي المثل (٩)، وهو


= داغي بعنوان "قاعدة المثلي والقيمي في الفقه الإسلامي"، وهي من منشورات دار الاعتصام، القاهرة، سنة ١٤١٣ هـ، ووقع في (ق): "وإلا التناقض البين".
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٢) في (د): "لأنه".
(٣) في (ق) و (ك): "صاحب" وفي (ق) بعدها: "أن يضمنوا".
(٤) زاد هنا في (ك) و (ق): "حين".
(٥) بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "صاحب الحرث" وفي (ق): "صاحبه".
(٦) في (ق): "فوجدوهما".
(٧) إذ يقِول سبحانه وتعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}. ا. هـ (ط).
قلت: والآيات من سورة الأنبياء، الآيتان: (٧٨، ٧٩).
(٨) في (ق): "القصة".
(٩) في (ق): "موافقة حكم سليمان وضمان النفش بالمثل" وفي (ك): "ضمان النفش في المثل".

<<  <  ج: ص:  >  >>