للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصريحة (١)، ولو قيل: "لا يصح تعليق الوكالة بالشرط" لصَحَّ تعليق هذا التوكيل الخاص؛ لأنه يتضمن الإسقاط، فهو كتعليق الطلاق والعتق بالشرط، ولا ينتقض هذا بالبراءة فإنه يصح تعليقها بالشرط، وقد فعله الإمام أحمد، وأصولُه تقتضي صحته، وليس عنه نص بالمنع، ولو سلم أنه تمليك لم يمنع تعليقه بالشرط كما تعلق الوصية، وأولى [بالجواز] (٢)؛ فإن الوصية تمليك مال وهذا ليس كذلك؛ فإن لم تتم لها هذه الحيلة فلتتزوجه (٣) على مَهْر مسمَّى على أنه إن أخرجها من دارها فلها مهرُ مثلها وهو أضعاف ذلك المسمى، ويقر الزوج بأنه مهر مثلها، وهذا الشرط صحيح؛ لأنها لم ترض بالمسمى، إلا بناء على قرارها (٤) في دارها، فإذا لم يَسْلم لها ذلك وقد شرطت في مقابلته زيادةً جاز، وتكون تلك الزيادة في مقابلة ما فاتها من الغرض (٥) الذي إنما أرخصت المهر ليَسْلَم لها، فإذا لم يسلم لها (٦) انتقلت إلى المهر الزائد، وقد صرح [أصحاب أبي حنيفة] (٧) بجواز مثل ذلك مع قولهم بأنه لا يصح اشتراط دارها ولا أن يتزوج عليها، وقد أغنى اللَّه سبحانه عن هذه الحيلة بوجوب الوفاء بهذا الشرط الذي هو أحق الشروط أن يُوفى به وهو مقتضى الشرع والعقل والقياس الصحيح، فإن المرأة لم ترض ببذل بُضْعها للزوج إلا على هذا الشرط، ولو لم يجب الوفاء به لم يكن العقد عن تَرَاضٍ، وكان إلزامًا لها بما لم تلتزمه وبما لم يلزمها (٨) اللَّه تعالى ورسوله [به] (٩)، فلا نص ولا قياس واللَّه الموفق.

[[تزوج المرأة بشرط ألا يتزوج عليها]]

المثال السابع: إذا خاصمته امرأته وقالت: قل: "كلُّ جارية أشتريها فهي حرة، وكل امرأة أتزوجها فهي طالق" فالحيلة (١٠) في خلاصه أن يقول ذلك ويعني


(١) يشير المصنف إلى تأمير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- زيدًا على الناس في مؤتة، وقوله: "إنْ أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب، فإن أُصيب جعفر فعبد اللَّه بن رواحة"، أخرجه البخاري (٤٢٦١) في (المغازي): باب غزوة مؤتة من حديث ابن عمر.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(٣) في المطبوع: "فليتزوجها".
(٤) في المطبوع و (ك): "إقرارها".
(٥) في (ك): "العوض".
(٦) سقط من (ك).
(٧) في (ق): "أبو حنيفة رحمه اللَّه".
(٨) في (ق): "يلزمه".
(٩) سقط من (ق).
(١٠) ذكرها محمد بن الحسن في كتابه "المخارج من الحيل" (٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>