للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[الرد على تخريجهم لحديث ابن عباس]]

والذي ردت به هذه السنة المحكمة هو المتشابه من قول ابن عباس: "إنه صلّى الكسوف فقرأ نحوًا من سورة البقرة" (١)، قالوا: فلو سمع ما قرأ لم يُقَدِّره بسورة البقرة. وهذا يحتمل وجوهًا (٢):

أحدها: أنه لم يجهر.

الثاني: أنه جهر، ولم يسمعه ابن عباس.

الثالث: انه سمع ولم يحفظ ما قرأ به فقدَّره بسورة البقرة، فإن ابن عباس لم يجمع القرآن في حياة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما جمعه بعده.

الرابع: أن يكون نسي ما قرأ به وحفظ قدر قراءته، فقدرها بـ[سورة] (٣) البقرة، ونحن نرى الرجل ينسى ما قرأ به الإمام في صلاة يومه، فكيف يقدّم هذا اللفظ المجمل على الصريح المحكم الذي لا يحتمل إلّا وجهًا واحدًا؟

[[رواية ترك الجهر بالبسملة عن أنس]]

ومن العجب أن أنسًا روى ترك جهر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٤)، ولم يصح عن صحابي خلافه، فقلتم: كان صغيرًا يصلّي خلف الصفوف فلم يسمع البسملة، وابن عباس أصغر سنًا منه بلا شك، وقدّمتم عدم سماعه للجهر على من سمعه صريحًا، فهلا قلتم: كان صغيرًا فلعله صلّى خلف الصف فلم يسمعه جهر؟ وأعجب من هذا قولكم: إن أنسًا كان صغيرًا لم يسمع (٥) تلبية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-:


(١) رواه البخاري (١٠٥٢) في (الكسوف): باب صلاة الكسوف جماعة، ومسلم (٩٠٧) في (الكسوف): باب ما عرض على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في صلاة الكسوف من أمر الجنّة والنار.
(٢) انظرها أيضًا في: "معالم السنن" (١/ ٧٠٢)، و"فتح الباري" (٢/ ٥٥٠)، و"عارضة الأحوذي" (٣/ ٤٢)، و"تحفة الأحوذي" (٣/ ١٤٦)، و"المحلى" (٥/ ١٠٢)، و"نصب الراية" (٢/ ٢٣٣)، و"السيل الجرار" (٢/ ٣٢٤)، وتعليقي على "الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٥١ مسألة رقم ٣٧٨).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ن) و (ك).
(٤) رواه البخاري (٧٤٣) في (الأذان): باب ما يقول بعد التكبير، ومسلم (٣٩٩) في (الصلاة): باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة، وانظر "الفتح" (فإنه هام)، و"مسألة التسمية" لابن طاهر القيسراني، و"الجهر بالتسمية" للخطيب، وطبع اختصاره للذهبي ضمن "ست رسائل" بتحقيق الشيخ جاسم الدوسري.
(٥) في (ن) و (ق): "لم يحفظ".

<<  <  ج: ص:  >  >>