للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولوازمه، فإذا انتفى هذا الرد انتفى الإيمان (١)، واستدل على حجيتها بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين والأئمة، ولا سيما المتبوعين منهم، وصار كلامه مرجعًا لمن ألّف في ذلك (٢).

* الاحتجاج بالصحيح من السنة دون الضعيف:

ركز ابن القيم رحمه اللَّه على ضرورة الاحتجاج بالثابت دون المطروح، وبالصحيح دون السقيم، فقال مثلًا -بعد كلام-: "فإن هذه الأحاديث إن كانت حقًا، وجب الانقياد لها، والأخذ بما فيها، وإن لم تكن صحيحة لم يؤخذ بشيء مما فيها، فإما أنْ تصحح ويؤخذ بها فيما وافق قول المتبوع، وتضَعَّف، أو. . . "، وقال في موطن آخر: "إن هذه الأحاديث لم تثبت، ولو ثبتت لم تحل مخالفتها، ووجب العمل بها"، وقال أيضًا: "والذي ندين اللَّه به ولا يسعنا غيره. . أن الحديث إذا صح عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يصح عنه حديث آخر ينسخه أن الفرض علينا وعلى الأمة الأخذ بحديثه، وترك كل ما خالفه" (٣).

ونقل عن أحمد وغيره أن من الصفات اللازمة للمفتي معرفة الحديث الضعيف، وتمييز الإسناد القوي من الضعيف.

وهنالك عشرات الأمثلة التطبيقية في الكتاب، يرد فيها ابن القيم على المخالفين بتضعيف أدلتهم، وينقل كلام أئمة الجرح والتعديل، فها هو يقول مثلًا: "وأما تلك الآثار التي رويتموها، ففيها ضعف" (٤) وأخذ في سرد ما يدلل على ذلك ومن دقته في هذا الباب: التمييز بين الثابت في الموقوف والمرفوع (٥)، ويعتني بالألفاظ الثابتة في الأحاديث دون غير الثابت في الحديث نفسه عند اختلاف الرواة (٦).

ومن إنصافه: تضعيفه آثارًا فيها ما يدل على ترجيحه، فقال: "ولو كنا ممن يفرح بالباطل ككثير من المصنِّفين الذين يفرح أحدهم بما وجده مؤيِّدًا لقوله، فرحنا بهذه الآثار، ولكن ليس فيها غنية، فإنها كلها آثار باطلة موضوعة على


(١) "إعلام الموقعين" (١/ ٩٢).
(٢) انظر -على سبيل المثال-: "إيقاظ همم أولي الأبصار"، فإنه أكثر جدًّا من النقل عن كتابنا هذا.
(٣) "إعلام الموقعين" (٣/ ٤٠٧).
(٤) "إعلام الموقعين" (١/ ٢٤١).
(٥) انظر مثلًا: (٥/ ٥٠٧).
(٦) انظر مثلًا: (٥/ ٥٠٦ - ٥٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>