للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسوله وإلى ما يبُغضه ويَنهى عنه، وكذلك المكر ينقسمَ إلى قسمين: محمودٍ، ومذموم؛ فالحيلة والمكر والخديعة تنقسم إلى محمود ومذموم؛ فالحيل (١) منها ما هو كفرٌ، ومنها ما هو كبيرةٌ، ومنها ما هو صغيرة، وغير المحرمة منها ما هو مكروه، ومنها ما هو جائز، ومنها ما هو مستحب، ومنها ما هو واجب؛ فالحيلة بالرَّدة على فسخ النكاح كفر، ثم إنها لا تتأتى إلا على قول من يقول بتعجيل (٢) الفسخ بالردة، فأما مَنْ وقَفَه على انقضاء العدة فإنها لا يتم لها غرضها حتى تنقضي عدتها؛ فإنها متى عُلم بردتها قتلت إلا على قول [من يقول: لا تُقتل] (٣) المرتدَّة، بل يحبسها حتى تُسْلِمَ أو تموت، وكذلك التحيل بالردة على حرمان الوارث كفرٌ، والإفتاء بها كفر، ولا تتم إلا على قول مَنْ يرى أن مال المرتد لبيت المال، فأما على القول الراجح أنه لورثته من المسلمين فلا تتم الحيلة، وهذا القول هو الصواب (٤)؛ فإن ارتداده أعظم من مرض الموت المَخُوف، وهو في هذه الحال قد تعلق حق الورثة مسألة، فليس له أن يُسْقط هذا التعليق (٥) بتبرع، فهكذا المرتدُّ بردته تعلق حق الورثة مسألة إذ صار مستحقًا للقتل.

[فصل [الحيل التي تعد من الكبائر]]

وأما الحيل التي هي من الكبائر فمثل قتل امرأته إذا قتل حماته وله من امرأته ولد، والصواب أن هذه الحيلة لا تُسْقط عنه القَوَد، وقولُهم: "إنه ورث ابنه


(١) في (ق): "فالحيل المحرمة".
(٢) في (ن): "بتعجل".
(٣) بدل ما بين المعقوفتين في (ق) و (ك): "من لا يقتل".
(٤) هذا قول الأوزاعي، وهو أحد الأقوال عن أحمد، وروي عن أبي بكر وابن مسعود وهو قول أبي يوسف ومحمد، انظر: "الإنصاف" (٧/ ٣٥٢ و ١٠/ ٣٣٩) و"المغني" (٦/ ٣٠٠)، و"الإقناع" (٤/ ٣٠٥)، و"الكافي" (٣/ ١٦١) و"رحمة الأمة" (١٩١). و"فقه الإمام الأوزاعي" (٢/ ٥١٠).
وأما القول بأنّ ماله لبيت المال فهو مذهب المالكية والشافعية، ومذهب أبي حنيفة يورث عنه ما اكتسبه قبل ردته، ولا يورثه ما اكتسبه حال ارتداده، انظر: "المبسوط" (١٠/ ١٠٤) و"عمدة القاري" (٢٣/ ٢٦٠)، "وجمل الأحكام" (٢/ ٢٣٢) و"التفريع" (٢/ ٢٣٢) و"تفسير القرطبي" (٣/ ٤٩) و"الإشراف" (٤/ ١٧٩ رقم ١٥٣٥ - بتحقيقي) و"الأم" (٦/ ١٥١ و ٧/ ٣٣٠) و"المحلى" (١١/ ٢٣٩).
(٥) في (ك): "التعلق".

<<  <  ج: ص:  >  >>