للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان إذا رأى من الصحابة اختلافًا يسيرًا في فهم النصوص يظهر في وجهه حتى كأنّما (١) فقئ فيه حب الرُّمان ويقول: "أبهذا أمِرتُم؟ " (٢)، ولم يكن أحدٌ بعده (٣) أشد عليه الاختلاف من عمر [-رضي اللَّه عنه-] (٤)، وأما الصديق فصان اللَّه خلافته عن الاختلاف المستقر في حكم واحد من أحكام الدين، وأما خلافة عمر فتنازع (٥) الصحابة تنازعًا يسيرًا في قليل من المسائل جدًا، وأقر بعضهم بعضًا على اجتهاده من غير ذم ولا طعن، فلما كانت خلافة عثمان، اختلفوا في مسائل يسيرة [صَحِبَ] (٦) الاختلاف فيها بعضُ الكلام (٧) واللوم، كما لام عليٌّ عثمان في أمر المتعة وغيرها (٨)، ولامه عمار بن ياسر وعائشة في بعض مسائل قسمة الأموال والولايات (٩)، فلما أفضت الخلافة إلى علي -رضي اللَّه عنه- (١٠) صار الاختلافُ بالسيف.

[[الاختلاف مهلكة]]

والمقصود أنَّ الاختلاف منافٍ لما بعث اللَّه به رسوله [-صلى اللَّه عليه وسلم-] (١١)؛ قال عمر [-رضي اللَّه عنه-] (٤): "لا تختلفوا؛ فإنكم إن اختلفتم كان مَنْ بعدكم أشدَّ اختلافًا" (١٢)؛ ولما


(١) في (ق): "كأنه".
(٢) ورد من حديث أبي هريرة: رواه الترمذي (٢١٣٣) في (القدر): باب ما جاه في التشديد في الخوض في القدر، وأبو يعلى (٦٠٤٥)، وقال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث صالح المُرِّيّ، وصالح المري له غرائب يتفرد بها لا يتابع عليها".
وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يأتي (ص ٤٧٨).
(٣) في (ق): "ولم يكن بعده أحد".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٥) في (ق): "فيتنازع".
(٦) ما بين المعقوفتين مضروب عليه في (ق)، وقال في الهامش: "لعله: جره".
(٧) في (ق): "الاختلاف فيها إلى بعض الكلام".
(٨) أي في أمر حج التمتع، وكان عثمان لا يراه، كما في "الموطأ" (٢/ ٢١٣ - مع "المنتقى"). وسبق تخريجه، وانظر تعليقي على "الإشراف" (٢/ ٣٨٩) للقاضي عبد الوهاب، و"الإحكام" (٥/ ٧٣ - ٧٤).
(٩) انظر فيما جرى بين عثمان وعمار: "تاريخ دمشق" (ص ٢٤٧، ٣٠١ - ترجمة عثمان) وبينه وبين عائشة، فيه -أيضًا-.
(١٠) في المطبوع و (ن): "كرم اللَّه وجهه في الجنة".
(١١) ما بين المعقوفتين من (ق).
(١٢) وأشار في هامش (ق) إلى أنه في نسخة "خلافًا" وفي (ك): "أشد خلافًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>