للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبطل تبرعها له بالعتق؛ لأنه يكون تبرعًا لوارث، وإذا بطل العتق بطل النكاح، وإذا بطل بطل الميراث، وكان توريثه يؤدي إلى إبطال توريثه، وهذا [على] (١) أصل الشافعي، وأما على قول الجمهور فلا يبطل ميراثه ولا عتقه ولا نكاحه؛ لأنه حين العتق لم يكن وارثًا، فالتبرع نَزَل في غير وارث، والعتق المنجَّز يتنجز (٢) من حينه، ثم صار وارثًا بعد ثبوت عتقه، وذلك لا يضره شيئًا.

ومن ذلك لو أوصى له بابنه، فمات قبل قبول الوصية، وخَلَّف إخوة لأبيه، فقبلوا الوصية، عَتَقَ على الموصى له ولم يصح ميراثه منه؛ إذ لو ورث لأسقط ميراثَ الإخوة، وإذا سقط ميراثُهم بطل قبولهم للوصية، فيبطل عتقه؛ لأنه مرتب على القبول، وكان توريثه مُفْضيًا إلى عدم توريثه.

والصواب قول الجمهور أنه يرث، ولا دَور؛ لأن العتق حصل حال القبول وهم وَرَثة، ثم ترتيب على العتق تابعه وهو الميراث، وذلك بعد القبول، فلم يكن الميراث مع القبول ليلزم (٣) الدور، وإنما ترتيب على القبول العتقُ وعلى العتق الميراثُ؛ فهو مترتب عليه بدرجتين.

ومن المسائل التي يُفْضي ثبوتها إلى بطلانها لو زوج عبده امرأةً ولجعل رقبته صداقها لم يصح؛ إذ لو صح لملكته وانفسخ النكاح.

ومنها لو قال لأمته: "متى أكرهتك فأنت حرة حال النكاح أو قبله" فأكرهها على النكاح لم يصح؛ إذ لو صح النكاح عَتَقَت، ولو عتقت بطل إكراهها، فيبطل نكاحها.

ومنها لو قال لامرأته قبل الدخول: "متى استقر مهرك عليّ فأنت طالق قبله ثلاثًا" ثم وطئها لم يستقر مهرها بالوطء؛ لأنه لو استقرّ لبطل النكاح قبله، ولو بطل النكاح قبله لكان المستقر نصفَ المهر لا جميعه؛ فاستقرارُه يؤدي إلى بطلان استقراره، هذا على قول ابن سريج، وأما على قول المُزَني فإنه يستقر المهر بالوطء، ولا يقع الطلاق؛ لأنه مُعَلَّق على صفة تقتضي حكمًا مستحيلًا.

[فصل [مسائل يؤدي ثبوتها إلى نفيها]]

ومن المسائل التي يؤدي ثبوتُها إلى نفيها لو قال لامرأته: "إن لم أطلّقك


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ق): " ينجز".
(٣) في (ق): "لئلا يلزم".

<<  <  ج: ص:  >  >>