للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أن مشتريها لا يقبضها حتى يزوجها من عَبْده أو غيره، ثم يقبضها بعد التزويج، فإذا قبضها طلقها الزوج، فيطؤها سيده بلا استبراء.

قالوا: فإن خاف المشتري أن لا يطلقها الزوج استوثق بأن يجعل الزوجُ أمْرَها بيد السيد، فإذا فعل طلقها [هو] (١) ثم وطئها بلا استبراء.

ولا يخفى نسبة هذه الحيل (٢) إلى الشرع، ومحلها منه، وتضمنها أن بائعها يطؤها (٣) بكرةً ويطؤها (٣) المشتري عشيةً، وأن هذا مناقض لما قصده الشارع من الاستبراء، ومبطل لفائدة الاستبراء بالكلية.

ثم إن هذه الحيل كما هي محرمة فهي باطلة قطعًا؛ فإن السيد لا يحل له أن يزوج موطوءته حتى يستبرئها، وإلا فكيف يُزَوِّجها لمن يطؤها ورحِمُها مشغول بمائِهِ؟ وكذلك إن أراد بَيْعَها وجب عليه استبراؤها على أصح القولين، صيانةً لمائِهِ، ولا سيما إن لم يأمن من وطء المشتري لها بلا استبراء، فههنا يتعين عليه الاستبراء قطعًا، فإذا [أراد] (٤) زوجها حيلة على إسقاط حكم اللَّه تعالى وتعطيل أمره كان نكاحًا باطلًا لإسقاط ما أوجبه اللَّه من الاستبراء، وإذا طلَّقها الزوج بناءً على صحَّة هذا النكاح الذي هو مكر وخداع واتخاذٌ لآيات اللَّه هزوًا لم يحل للسيد أن يطأها بدون الاستبراء: [فإن الاستبراء] (٥) وجب عليه بحكم المِلْك المتجدد، والنكاح العارض حال بينه وبينه، لأنه لم [يكن] (٤) يحل له وطؤها، فإذا زال المانع عَمِل المُقتضى عَمَله، وزوالُ المانع لا يزيل اقتضاء المقتضى مع قيام سبب الاقتضاء منه. وأيضًا فلا يجوز تعطيل الوصف عن موجبه ومقتضاه من غير فواتِ شرطٍ أو قيامِ مانعٍ. وبالجملة فالمفسدة التي منع الشارع المشتري لأجلها من الوطء بدون الاستبراء لم تزل بالتحيل والمكر، بل انضمَّ إليها مفاسد المَكْرِ والخداع والتحيل.

[[أعاجيب متناقضات أرباب الحيل]]

فياللَّه العجب من شيء حرم لمفسدة فإذا انضم إليه مفسدة أخرى هي أكبر من مفسدته بكثير صار حلالًا، فهو بمنزلة لحم الخنزير إذا ذبح كان حرامًا، فإن


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ق): "الحيلة".
(٣) في (ن) و (ق): "يطأ".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) وبدلها في (ق): "الذي".

<<  <  ج: ص:  >  >>