للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة الحرام؛ فلا يكون حلالًا فلا يترتب عليه أحكامُ الحَلالِ فيقع باطلًا، والأمر المحتال عليه حقيقته حقيقة الأمر الحرام وإن لم تكن صورتُه صورتَه، فيجب أن يكون حرامًا لمشاركته للحرام في الحقيقة.

[لا نعلّق الأحكام إلّا على المعاني]

وياللَّه العجب! أين القياس والنظر في المعاني المؤثرة وغير المؤثرة فرقًا وجمعًا؟ والكلام في المناسبات ورعاية المصالح وتحقيق المَنَاطِ وتنقيحه وتخريجه (١) وإبطال قول مَنْ عَلّقَ الأحكام بالأوصاف الطَّرْدية التي لا مناسبة بينها وبين الحكم، فكيف يعلّقه بالأوصاف المناسبة لضد الحكم؟ وكيف تُعلّق الأحكام على مجرد الألفاظ والصُّور الظاهرة التي لا مناسبة بينها وبينها وَيدَع المعاني المناسبة المقتضية (٢) لها التي ارتباطُها بها كارتباط العلل العقلية بمعلولاتها؟ والعجب منه كيف ينكر مع ذلك على أهل الظاهر (٣) المتمسكين بظواهر كتاب ربهم وسنة نبيهم حيث لا يقوم دليل يخالف الظاهر ثم يتمسك بظواهر أفعال المكلفين وأقوالهم (٤) حيث يعلم أن الباطنَ والقصدَ بخلافِ ذلك؟ ويعلم لو تأمل حق التأمل أن مقصودَ الشارعِ غير ذلك، كما يقطع بأن مقصوده ومن إيجاب الزكاة سد خَلّة المساكين وذوي الحاجات وحصول المصالح التي أرادها بتخصيص هذه الأوصاف (٥) من حماية المسلمين والذَّبِّ عن حَوْزة الإسلام، فإذا أسقطها بالتحيل فقد خالف مقصود الشارع وحَصَّل مقصود المتحيل.

[الواجب هو أن يحصل مقصود اللَّه ورسوله]

والواجب الذي لا يجوز غيره أن يحصل مقصود اللَّه ورسوله وتبطل مقاصد


(١) كتب الناسخ في هامش (ق): "تنقيح المناط: تلخيص الوصف الذي أناط الشارع الحكم به وربطه به، وتنقيح المناط وتحقيق المناط وتخريج المناط متقاربة في اللفظ وقد تشتبه معانيها، وتحقيق المناط هو إثبات العلة المتفق عليها في الصورة المتنازع فيها، وتخريج المناط هو الاجتهاد في استخراج علة الحكم بطريق دالة على ذلك فكأنه أخرج العلة من معان كنهيه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيع البر بالبر إلا مثلًا بمثل وتنقيح المناط أن العلة مذكورة في النص فلم يستخرجها بل نقح النص وأخذ منه ما يصلح للعلية وترك ما لا يصلح كأمره -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي جامع أهله في رمضان بالكفارة فالعلة الجماع في رمضان وأما كون المجامع جامع زوجته أو كونه أعرابيًا فهذا وصف طردي لا يلتفت إليه ولا يعلل به".
(٢) في المطبوع: "المفضية".
(٣) في (ق): "الظاهرية".
(٤) في (ق): "أقوال المكلفين وأفعالهم".
(٥) في (ن) و (ك): "الأصناف".

<<  <  ج: ص:  >  >>