للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمة على تخصيص قوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تُنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها" (١) وعموم قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: ١١] بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يرث المسلمُ الكافر" (٢) وعموم قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا قطع في ثَمرٍ ولا كَثَر" (٣) ونظائر ذلك كثيرة؛ فإذا جاز التخصيص -وهو رفع بعض ما تناوله اللفظ؛ وهو نقصانٌ من معناه- فلأن تجوز الزيادة التي لا تتضمن رفع شيء من مدلوله ولا نقصانه بطريق الأوْلى والأحْرى.

[الزيادة لا توجب نسخًا]

الوجه الرابع عشر: أن الزيادة لا توجب رفع المزيد لغة ولا شرعًا ولا عرفًا ولا عقلًا، ولا تقول العقلاء لمن ازداد خيره أو ماله أو جاهه أو علمه أو ولده: إنه قد ارتفع شيء مما في الكيس، بل تقول في:

الوجه الخامس عشر: إن الزيادة قرَّرت حكم المزيد وزادته بيانًا وتأكيدًا؛ فهي كزيادة العلم والهدى والإيمان، قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤]، وقال: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٢٢]، وقال: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: ١٣]، وقال: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: ٧٦] فكذلك زيادة الواجب على الواجب إنما تزيده قوةً وتأكيدًا وثبوتًا، فإن كانت متصلة به اتِّصال الجزاء والشرط كان ذلك أقوى له وأثبت وآكد، ولا ريبَ أن هذا


(١) سبق تخريجه قريبًا.
(٢) سبق -أيضًا- تخريجه قريبًا.
وقال (و): "بقيته: "ولا الكافر المسلم" رواه الجماعة، ويقول الشوكاني عن أحاديث الباب: إنها قاضية بأنه لا يرث المسلم من الكافر من غير فرق بين أن يكون حربيًا، أو ذميًا أو مرتدًا، فلا يقبل التخصيص إلا بدليل.
أقول: ونلمح من القرآن الكريم هذا المعنى؛ لأن الخطاب في آيات الميراث موجه للمؤمنين، (ولكم)، و (يوصيكم)، وهكذا" اهـ.
(٣) سبق تخريجه مفصلًا.
وقال (د): قوله: "ولا كثر" هو بالفتح أو بالفتحتين: جمار النخل، وهو شحمهُ الذي في وسط النخلة، وهو شيء أبيض وسط النخلة يؤكل، وقيل: الكثر: الطعام أول ما يؤكل".
قلت: وهو بنصه في نسخة (ح) عدا قوله: "بالفتح"، ونحوه في (و)، و (ط).

<<  <  ج: ص:  >  >>