للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت فرقة أخرى: معناه كل شيء تحت قدرته وقهره وفي ملكه وقبضته، وهذا وإن كان حقًا فليس هو معنى الآية، وقد فَرَّق [عليه السلام] (١) بين قوله: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} وبين قوله: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فهما معنيان مستقلان.

فالقول قول مجاهد: وهو قول أئمة التفسير (٢)، ولا تحتمل العربية غيره إلا على استكراه؛ وقال (٣) جرير يمدح عمر بن عبد العزيز:

أمير المؤمنين على صراط ... إذا اعوجَّ الموارد مستقيم (٤)

وقد قال تعالى: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: ٣٦].

وإذا كان سبحانه هو الذي جعل رسله وأتباعهم على الصراط [المستقيم] (٥) في أقوالهم وأفعالهم؛ فهو [سبحانه] (٥) أحق بأن (٦) يكون على صراط مستقيم في قوله وفعله، [وإن كان صراط الرسل وأتباعهم هو موافقة أمره؛ فصراطه الذي هو سبحانه عليه هو ما يقتضيه حمده وكماله ومجده من قول الحق وفعله] (٧)، وباللَّه التوفيق.

[فصل]

وفي الآية قولٌ ثان مثل الآية الأولى، سواء أنه مثل ضربه اللَّه للمؤمن والكافر، وقد تقدم ما في هذا القول، (وباللَّه التوفيق) (٨).

فصل [في تشبيه من أعرض عن كلام اللَّه وتدبره]

ومنها قوله تعالى في تشبيه مَنْ أعرض عن كلامه وتدبُّره: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ


(١) بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "شعيب"، وفي (ك): "وقد فرق. . . عليه السلام" وفي الهامش: "لعله هود".
(٢) في (ك): "المفسرين".
(٣) في (ق): "قال".
(٤) هو في "ديوان جرير" (١/ ٢١٨) شرح محمد بن حبيب، من قصيدة يمدح بها هشام بن عبد الملك، وليس عمر بن عبد العزيز!.
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) في (ق): "أن".
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٨) في (ك) و (ق): "واللَّه الموفق" ووقف في (ق): "قول ثاني".

<<  <  ج: ص:  >  >>