للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعدل، ولا يفعل إلا ما هو مصلحة [ورحمة] (١) وحكمة وعدل؛ فهو على الحق في أقواله وأفعاله؛ فلا يقضي على العبد بما يكون ظالمًا له به، ولا يأخذه بغير ذنبه، ولا ينقصه من حسناته شيئًا، ولا يحمل عليه من سيئات غيره التي لم يعملها ولم يتسبب (٢) إليها شيئًا، ولا يؤاخذ أحدًا بذنب غيره، ولا يفعل قط ما لا يُحمد عليه، ويُثنى به عليه، ويكون له فيه العواقب الحميدة، والغايات المطلوبة، فإن كونه على صراط مستقيم يأبى ذلك كله.

قال محمد بن جرير الطبري (٣): وقوله: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} يقول: إن ربي على طريق الحق، يُجازي المحسن من خلقه بإحسانه، والمسيء بإساءته، لا يظلم أحدًا منهم شيئًا، ولا يقبل منهم إلا الإسلام له، والإيمان به. ثم حكى عن مجاهد من طريق شِبْل [عن] (٤) ابن أبي نجيح عنه: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} قال: الحق (٥)، وكذلك رواه ابن جُرَيْج عنه.

وقالت فرقة: هي مثل قوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: ١٤]، وهذا اختلاف عبارة، فإن كونه بالمرصاد هو مجازاة المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.

وقالت فرقة: في الكلام حذف، تقديره: إن ربي يحثُّكم على صراط مستقيم ويحضكم عليه؛ وهؤلاء إن أرادوا أن هذا معنى الآية التي أريد بها فليس كما زعموا، ولا دليل على هذا المُقدَّر، وقد فَرَّق [اللَّه] (٦) سبحانه بين كونه آمرًا بالعدل وبين كونه على صراط مستقيم؛ وإن أرادوا أن حَثّه على الصراط المستقيم من جملة كونه على صراط مستقيم فقد أصابوا.

وقالت فرقة أخرى: معنى كونه على صراط مستقيم أن مَردَّ العباد والأمور كلها إلى اللَّه لا يفوته شيء منها، وهؤلاء إن أرادوا أن هذا معنى الآية فليس كذلك، وإن أرادوا أن هذا من لوازم كونه على صراط مستقيم ومن مقتضاه وموجبه فهو حق.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ك) و (ق).
(٢) في (ك): "ينسب".
(٣) في "التفسير" (١٢/ ٦٠).
(٤) زيادة "عن" من تفسير الطبري (و). وهي في (ق).
(٥) رواه الطبري (١٢/ ٦١) من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، وهو في "تفسير مجاهد" (١/ ٣٠٥).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>