للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيوع بعقد ما لا يحل أولى أن يريد به من الظن، ألا ترى أنَّ رجلًا لو اشترى سيفًا ونوى بشرائه أن يقتل به مسلمًا كان الشراء حلالًا، وكانت النية بالقتل غير جائزة، ولم يبطل بها البيع، وكذلك لو باع سيفًا من رجل يريد أن يقتل به رجلًا كان هذا هكذا، ولو أن رجلًا شريفًا نكح دَنِيَّةً أعجميةً، أو شريفةً نكحت دَنِيًّا أعجميًا فتصادقا في الوجهين على إن لم ينو واحدٌ منهما أن يثبت على النكاح أكثر من ليلة لم يحرم النكاح بهذه النية، لأن ظاهر عقده كان صحيحًا إن شاء الزوج حبسها وإن شاء طلقها.

[دعوى أنّه قد دَلَّ الكتاب والسنة على ثبوت العقود بظاهرها]

فإذا دل الكتاب ثم السنة ثم عامة حكم الإسلام على أن العقود إنما تثبت بظاهر عقدها لا تفسدها نية العاقدين كانت العقود إذا عقدت في الظاهر صحيحة، ولا تفسد بتوهم غير عاقدها على عاقدها، ولا سيما (١) إذا كان توهمًا ضعيفًا" انتهى كلام الشافعي (٢).

وقد جعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الهازلَ (٣) بالنكاح والطلاق والرجعة كالجادِّ بها، مع أنه


(١) كذا في (د)، و (ط) وفي (و) و (ق): "سيما".
(٢) انظر: "الأم" للشافعي -رحمه اللَّه- (٧/ ٢٩٥ - ٢٩٨ - تحقيق النجار).
(٣) أخرج أبو داود في "السنن" (كتاب الطلاق): باب في الطلاق على الهزل (٢/ ٦٦٤/ رقم ٢١٩٤)، والترمذي في "الجامع" (أبواب الطلاق): باب ما جاء في الجد والهزل في الطلاق (٣/ ٤٩٠/ رقم ١١٨٤)، وابن ماجه في "السنن" (كتاب الطلاق): باب من طلق أو نكح أو راجع لاعبًا (١/ ٦٥٨ رقم ٢٠٣٩)، وسعيد بن منصور في سننه (رقم ١٦٠٣)، والدارقطني في "السنن" (٣/ ٢٥٦، ٢٥٧ و ٤/ ١٨ - ١٩)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٣/ ٩٨)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ١٩٨)، وابن الجارود في المنتقى (رقم ٧١٢)، وابن خزيمة في "حديث علي بن حُجر" (٤/ رقم ٥٤)، والبغوي في "تفسيره " (١/ ٢٧٥)، و"شرح السنة" (٩/ ٢١٩ رقم ٢٣٥٦) من طريق عبد الرحمن بن حبيب بن أردك عن عطاء بن أبي رباح عن يوسف بن ماهك عن أبي هريرة مرفوعًا: "ثلاث جدهن وهزلهن جد: الطلاق والنكاح والرجعة".
قال الترمذي: "حديث حسن غريب"، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد، وعبد الرحمن من ثقات المدنيين"، وتعقبه الذهبي؛ فقال: "فيه لين".
قلت: قال النسائي فيه: "منكر الحديث"، ووثقه ابن حبان، قال ابن حجر في "التلخيص" (٣/ ٢١٠) عن عبد الرحمن بن حبيب: "وهو مختلف فيه، وقال النسائي: منكر الحديث، ووثقه غيره؛ فهو على هذا حسن".
قلت؛ قوله: "غيره" المراد به هو ابن حبان، وهو متساهل كما هو معروف؛ فإسناد =

<<  <  ج: ص:  >  >>