للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيهما أيضًا من حديث عائشة قالت: "قلت: يا رسول اللَّه تُسْتأمر النساء في أبْضَاعهن؟ قال: نعم، قلت (١): فإن البكر تُسْتَأذن فتستحيي، قال: إذْنُهَا صِمَاتهَا" (٢) فنهى أن تنكح بدون استئذانها، وأمر بذلك وأخبر أنه (٣) هو شَرْعه [وحكمه] (٤)، فاتفق على ذلك أمره ونهيه وخبره، وهو محض القياس والميزان.

[فصل]

وقالت الحنابلة والشافعية والحنفية: لا يصح بيع المَقاثِي والمَباطِخ والباذنجان إلَّا لقطة (٥)، ولم يجعلوا المعدوم تبعًا للموجود مع شدة الحاجة إلى ذلك، وجعلوا المعدوم مُنزلًا منزلة الموجود في منافع الإجارة للحاجة إلى ذلك، وهذا مثله من كل وجه؛ لأنَّه يُستخلف كما تُستخلف المنافع، وما يقدر من عروض الحظر له فهو مشترك بينه وبين المنافع، وقد جوَّزوا بيع الثمرة إذا بدا الصلاح في واحدة منها، ومعلوم أن بقية الأجزاء معدومة فجاز بيعها تبعًا للموجود، فإن فرّقوا بأن هذه أجزاء متصلة، وتلك أعيان منفصلة، فهو فرق فاسد من وجهين:

أحدهما: أن هذا لا تأثير له ألبتة.

الثاني: أن من الثَّمرة التي بدا صلاحها (٦) ما يخرج أثمارًا متعددة كالتوت والتين فهو كالبطيخ والباذنجان من كل وجه، فالتفريق خروجٌ عن القياس والمصلحة، وإلزام بما لا يُقدر عليه إلَّا بأعظم كلفة ومشقة، وفيه مفسدة عظيمة يردها القياس؛ فإن اللقطة لا ضابط لها، فإنه يكون في المقاثي (٧) الكبار والصغار وبين ذلك، فالمشتري يريد استقصاءَها، والبائع يمنعه من أخذ الصغار، فيقع بينهما من التنازع والاختلاف والتشاحن ما لا تأتي به شريعة (٨)، فأين هذه


= برضاها، و (٦٩٤٦) كتاب الإكراه: باب لا يجوز نكاحُ المكرَه، و (٦٩٧١) كتاب الحيل: باب في النكاح، ومسلم (١٤٢٠) كتاب النكاح: باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت.
(١) في (ق): "فقلت".
(٢) انظر الحاشية (٥) من الصفحة السابقة.
(٣) في (ق): "بأنه".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك) ووقع في (ق): "واتفق".
(٥) في (ق) و (ن) و (ك): "لقطة لقطة".
(٦) في (ك): "أن الثمرة التي بدا صلاحها" وعندها أشار في الهامش "لعله: منها".
(٧) في المطبوع و (ق): "المقثأة".
(٨) في (ق) و (ك): "فيقع بينهما التنازع والاختلاف والتشاحن وما لا يأتي به الشريعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>