للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨)} [إلى قوله: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ] (١) الْمَوْتَى} [القيامة: ٣٧ - ٤٠]، وفي قوله: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ (قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) [الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨١) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ] (٢) وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣))} [يس: ٧٨ - ٨٣].

[تضمُّن الآيات عشرة أدلة]

فتضمنت هذه الآيات عشرة (٣) أدلة: أحدها: قوله: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ} فذَكَّره مبدأ خلقه ليدلَّه به على النشأة الثانية، ثم أخبر أن هذا الجاحِدَ لو ذَكَر خَلْقه لما ضربَ المثلَ، بل لمَّا نسي خَلْقه ضَرَب المثل؛ فَتَحْتَ قوله: {وَنَسِيَ خَلْقَهُ} ألطف جوابِ وأبينُ دليلِ، وهذا كما تقول لمن جَحَدَك أن تكون قد أعطيته شيئًا: فلانُ جَحَدَني الإحسان إليه ونسي الثياب التي عليه والمالَ الذي معه والدارَ التي هو فيها؛ حيث لا يمكنه جَحْدُ أن يكون ذلك منك؛ ثم أجيبَ عن سُؤالِه بما يتضمن أبلغ الدليلِ على ثبوت ما جَحَده فقال: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} فهذا جواب واستدلال قاطع، [ثم أكد] (٤) هذا المعنى [بالإخبار] (٥)، بعموم عِلْمِهِ بجميع خلقه (٦)، فإنَ تعذُّرَ الإعادة عليه إنما يكون لقصور علمه أو قصور في قدرته، ولا قصور في علم مَنْ هو بكل خلق عليم، ولا قدرةَ فوق قدرةِ (٧) مَنْ خلق السمواتِ والأرض، وإذا أراد شيئًا، قال (٨) له: كنْ فيكون وبيده ملكوت كل شيء، فكيف تَعْجزُ قدرتُه وعلمُه عن إحيائكم بعد مماتكم ولم تعجز (٩) عن النشأة الأولى ولا عن خَلْق السموات والأرض؟ ثم أرشد عباده إلى دليل واضح [جلي] (١٠) متضمن للجواب عن شُبَهِ المنكرين بألطف الوجوه


(١) في (ق): " {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} إلى قوله".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) وبدل ما بين الهلالين في (ق): "إلى آخر السورة".
(٣) انظر سبعة منها في "الصواعق المرسلة" (٤/ ١٢٢٥ - ١٢٢٦) وفيه كلام مسهب رائع حولها أيضًا، انظره (٢/ ٤٧٣ - ٤٧٧).
(٤) في (ق): "فأكد".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) في (ق): "الخلق".
(٧) في (ق) و (ك): "ولا في قدرة".
(٨) في (ك): "أن يقول له".
(٩) في (ق): "يعجز".
(١٠) ما بين المعقوفتين سقط من (ق)

<<  <  ج: ص:  >  >>