للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل (١)

وأما نقلهم لتركه -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو نوعان، وكلاهما سنة:

أحدهما: تصريحهم بأنه ترك كذا وكذا ولم يفعله، كقوله في شهداء أحد: "ولم يغسلهم ولم يُصل عليهم" (٢)، وقوله في صلاة العيد: "لم يكن أذانٌ ولا إقامة ولا نداء" (٣)، وقوله في جمعه بين الصلاتين: "ولم يُسبِّح بينهما ولا على إثر واحدة منهما" (٤)، ونظائره.

والثاني: عدم نَقْلهم لِما لو فَعَله لتوفرت هممهم ودواعيهم أو أكثرهم أو واحد منهم على نقله، فحيث لم ينقله واحد منهم ألبَتة ولا حدَّث به في مجمع أبدًا علم أنه لم يكن، وهذا كتركه التلفّط بالنية (٥) عند دخوله في الصلاة (٦)، وتركه الدعاء بعد الصلاة مستقبل المأمومين وهم يؤمّنون على دعائه دائمًا بعد الصبح والعصر أو في جميع الصلوات (٧)، وتركه وفع يديه كل يوم في صلاة الصبح بعد رفع رأسه من ركوع الثانية، وقوله: "اللهمّ اهدنا فيمن هديت"، يجهر بها ويقول المأمومون (٨) كلهم: "آمين" (٩)، ومن الممتنع أن يفعل ذلك ولا ينقله عنه صغيرٌ ولا كبيرٌ ولا رجلٌ ولا امرأةٌ ألبتَّة، وهو مواظب عليه هذه المواظبة لا يخلّ به يومًا واحدًا، وتركه الاغتسال للمبيت بمزدلفة، ولرمي الجمار، ولطواف


(١) ما تحته تأصيل وتقعيد في الرد على رسالة الغماري: "حسن التفهم والدرك لمسألة الترك".
(٢) رواه البخاري (١٣٤٣) في (الجنائز): باب الصلاة على الشهيد، و (١٣٤٦) باب من لم ير غسل الشهداء، و (١٣٤٧) باب من يقدم في اللحد، و (١٣٥٣) باب اللحد والشق في القبر، و (٤٠٧٩) في (المغازي): باب من قتل من المسلمين يوم أحد، من حديث جابر.
(٣) رواه البخاري (٩٦٠) في (العيدين): باب المشي والركوب إلى العيد بغير أذان ولا إقامة، ومسلم (٨٨٦) في (العيدين)، من حديث ابن عباس، ورواية مسلم أتم.
(٤) هو بهذا اللفظ الصريح: رواه البخاري (١٦٧٣) في (الحج): باب من جمع بينهما ولم يتطوع.
وانظر أطراف الحديث في "صحيح البخاري" (١٠٩١).
(٥) في (ن): "اللفظ بالنية".
(٦) انظر: "زاد المعاد" (١/ ١٥)، و"إغاثة اللهفان" (١/ ١٣٦ - ١٣٩)، و"تحفة المودود" (ص ٩٣)، وكتابي: "القول المبين في أخطاء المصلين" (٢٢٥).
(٧) انظر: "زاد المعاد" (١/ ٦٦)، وكتابي "القول المبين في أخطاء المصلين" (٢٩٨).
(٨) في المطبوع: "المأمون"، ولعل الصواب ما أثبته.
(٩) انظر مبحث القنوت مطولًا في: "كتاب الصلاة" (١٢٧ - ١٢٩)، و"زاد المعاد" (١/ ٦٩ - ٧٣) للمؤلف رحمه اللَّه، وكتابي "القول المبين" (١٢٦ - ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>