للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأن سبيئة (١) من بيت رأس ... يكون مزاجها عسل وماء

ثم ذكر وصف الشراب، إلى أن قال:

ونشربها فتتركنا ملوكًا ... وأسدًا لا ينهنهنا اللقاء (٢)

فأقرّهم على قول ذلك وسماعه، لعلمه ببرِّ قلوبهم ونزاهتهم وبعدهم عن كل دَنَسٍ وعيب، وأن هذا إذا وقع [مقدمة] (٣) بين يدي ما يحبه اللَّه ورسوله من مدح الإسلام وأهله وذم الشرك وأهله والتحريض على الجهاد والكرم والشجاعة فمفسدته مغمورة جدًا في جنب هذه المصلحة، مع ما فيه من مصلحة هزّ النفوس واستمالة إصغائها وإقبالها على المقصود بعده، وعلى هذا جرت عادة الشعراء بالتغزّل بين يدي الأغراض التي يريدونها بالقصيد.

ومنه تقريرهم على رفع الصوت بالذكر بعد السلام، بحيث كان مَنْ هو خارج المسجد يعرف انقضاء الصلاة بذلك، ولا ينكره عليهم (٤).


= وروى أولها فقط الحاكم (٣/ ٥٨٢) من طريق محمد بن عبد الرحمن الأوقص عن ابن جدعان.
وابن جدعان هو علي بن زيد ضعيف، ثم بينه وبين النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مفاوز.
ولعل القصة بهذه الطرق يكون لها أصل، واللَّه أعلم. وانظر "القول المستجاد في بيان صحة قصيدة بانت سعاد" للعلامة إسماعيل الأنصاري رحمه اللَّه، و"توثيق قصيدة بانت سعاد في المتن والإسناد" للدكتور سعود الفنيان.
(١) في المطبوع "خبيئة"، وفي (ق): "سبية".
(٢) ذكر هذه الأبيات ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام (٤/ ٤٣) - وأن حَسَّانًا قالها بعد فتح مكة- دون إسناد.
أما المؤلف -رحمه اللَّه- فقد ذكر في "زاد المعاد" (٣/ ٤١٦ طبعة مؤسسة الرسالة) إن حسانًا قالها بعد عمرة الحديبية، وعلى الحالتين كان ذلك قبل تحريم الخمر، راجع: "أفعال الرسول" للأشقر (٢/ ١١٤ - ١١٥) وقارن بـ "نظم الدرر" للبقاعي (١٤/ ١١٩ - ١٢٠)، وانظر: "ديوان حسان بن ثابت" (ص ٥٦ - ٥٧) بشرح البرقوقي، وفيه: "ما ينهنهنا"، وفي المطبوع: "كان خبيئة"، والتصويب من "الديوان" و (ن).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٤) روى البخاري (٨٤١) في الأذان: باب الذكر بعد الصلاة ومسلم (٥٨٣) (١٢٢) في المساجد: باب الذكر بعد الصلاة عن ابن عباس: "أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ابنُ عباس: كنت أعلمُ إذا انصرفوا لذلك إذا سمعتُهُ.
ومن الوجه نفسه؛ رواه البخاري (٤٨٢) ومسلم (٥٨٣) (١٢٠) و (١٢١) ولفظه: كنا نعرف انقضاء صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالتكبير.
وانظر لبيان معنى الحديث: "فتح الباري" (٢/ ٢٢٥ - ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>