للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصح القولين، وفيه قول آخر أنه لا يجوز؛ لأنه لم يلبس الأُولى على طهارة كاملة؛ فالحيلة في جواز المسح أن ينزعَ خُفَّ الرِّجل الأولى ثم يلبسه، وهذا نوع عَبَث لا غرض للشارع فيه، ولا مصلحة للمكلَّف؛ فالشرع لا يأمره به (١).

[[حيلة في عدم حنث الحالف]]

المثال الثاني والأربعون (٢): إذا (٣) اسْتُحْلِفَ على شيء، فأحب أن يحلف ولا يحنث؛ فالحيلة أن يحرك لسانه بقوله: "إن شاء اللَّه"، وهل يشترط أن يسمعها نفسه؟ فقيل: لا بد أن يُسمع نفسه، وقال شيخنا: هذا لا دليل عليه، بل متى حرَّك لسانه بذلك كان متكلمًا، وإن لم يسمع نفسه، وهكذا حكم الأقوال الواجبة والقراءة الواجبة (٤)، قلت: وكان بعض السلف يطبق شفتيه ويحرك لسانه بلا إله إلا اللَّه ذاكرًا، وإن لم يسمع نفسه، فإنه لا حَظَّ للشفتين في حروف هذه الكلمة، بل كلها حلقية [لسانية] (٥)؛ فيمكن الذاكر أن يحرِّك لسانه بها ولا يسمع نفسه ولا أحدًا من الناس، ولا تراه العين يتكلم، [وهكذا التكلم بقول] (٦): "إن شاء اللَّه" يمكن مع إطباق الفم؛ فلا يسمعه أحدٌ ولا يراه، وإن أطبق أسنانه (٧) وفتح شفتيه أدنى شيء سمعته أذناه بجملته.

[[حيلة في سقوط القصاص عمن قتل زوجته التي لاعنها أو قتل ولدها]]

المثال الثالث (٨) والأربعون: إذا لاعَنَ امرأته وانتفى من ولدها، ثم قتل الولد لزمه القصاص، وكذلك إن قتلها فلولدها القصاص إذا بلغ، فإن أراد إسقاط القصاص عن نفسه؛ فالحيلة أن يكذب نفسه، ويقر بأنه ابنه؛ فيسقط القصاص في الموضعين، وفي جواز هذه الحيلة نظر.


(١) انظر بسط المسألة وأدلتها في "الخلافيات" للبيهقي (٣/ ٢٣٥ - بتحقيقي) و"الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (١/ ٦٤ مسألة ٣١)، وفي (ق): "يأمر به".
(٢) في (ك) و (ق): "المثال الأربعون".
(٣) في (و): "فإذا".
(٤) في (و): "والقراءات الواجبة"، وانظر في المسألة كتابي: "القول المبين" (ص ١٠٠ - فما بعد).
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(٦) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "وكذلك يقول".
(٧) في (ق): "بأسنانه".
(٨) في (ق) و (ك): "الحادي".

<<  <  ج: ص:  >  >>