للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ادَّعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا، هذه دعوى بِشْرٍ المرِيسيِّ (١) والأصم، ولكن يقول: لا نعلم الناس اختلفوا، أو لم يبلغنَا (٢).

وقال في رواية المروزي (٣): كيف يجوز للرجل أن يقول: "أجمعوا"؟ إذا سمعتهم يقولون: "أجمعوا" فاتهمهم، لو قال: "إني لم أعلم مخالفًا" كان.

وقال في رواية أبي طالب (٤): هذا كذب، ما عِلْمُه أن الناس مجمعون؟ ولكن [يقول] (٥): "ما أعلم فيه اختلافًا" فهو أحسن من قوله إجماع الناس.

وقال في رواية أبي الحارث: لا ينبغي لأحد أن يدَّعي الإجماع، لعل الناس اختلفوا (٦).

[[أئمة الإسلام يقدمون الكتاب والسنة]]

ولم يزل أئمة الإسلام على تقديم الكتاب على السنة والسنة على الإجماع وجعل الإجماع في المرتبة الثالثة، قال الشافعي رحمه اللَّه (٧): "الحجَّة كتاب اللَّه وسنة


(١) نسبة إلى مريسة -بفتح الميم وتشديد الراء مع كسرها-، قرية بمصر، وولاية من ناحية الصعيد (و).
(٢) انظر: "مسائل عبد اللَّه" (٤٣٨ - ٤٣٩).
وفي (ق) و (ك): "أو لم يبلغه".
(٣) نقلها أبو يعلى في "العدة" (٤/ ١٠٦٠)، وابن تيمية في "المسودة" (ص ٣١٥)، ووقع في (ك): "إذا سمعهم يقولون".
(٤) نقلها أبو يعلى في "العدة" (٤/ ١٠٦٠)، وابن تيمية في "المسودة" (ص ٣١٦).
(٥) في نسخة (ط): "يقال".
(٦) نقل جميع هذه الروايات بالترتيب المذكور: أبو يعلى في "العدة" (٤/ ١٠٦٠)، وانظر: "مجموع الفتاوى" (١٩/ ٢٦٧ - ٢٧٢)، و"المسودة" (ص ٣١٧ - ٣١٨)، و"الإحكام" (١/ ٢٨٨) للآمدي.
(٧) ذهب غير واحد من المعاصرين إلى إنكار الشافعي حجيّة الإجماع!! إلا ما عرف من الدين بالضرورة، انظر -على سبيل المثال-: "موقف الإمام الشافعي من مدرسة العراق الفقهية" (ص ٣٥، ١٩١) في الدين البلتاجي، و"الشافعي في مذهبه القديم والجديد" (ص ٢٤٤)، و"الشافعي حياته وعصره، آراؤه وفقهه" (ص ٢٦٤ - ٢٦٦) لمحمد أبو زهرة، وانظر مناقشتهم وبيان استدلال الشافعي بالإجماع في "حجية الإجماع" (ص ٣١١ وما بعد) لمحمد فرغلي، و"الإمام الشافعي وأثره في أصول الفقه" (ص ٦٢٦ وما بعد) للدكتور حسن أبو عيد، وتعليقي على "تعظيم الفتيا" (رقم ١) لابن الجوزي، وانظر تنصيص الشافعي على حجية الإجماع في "الرسالة" (ص ٥٣٤)، و"اختلاف الحديث" (٧/ ٢٧) - بهامش الأم، و"إحكام القرآن" (١/ ٣٩ - ٤٠) للبيهقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>