للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضع، ولا غير الحامل حتى تحيض" (١) ولا يدري هي (٢) حاملٌ أم لا؟ سبحان اللَّه! ما أسْمَجَ هذا! " (٣) وقال محمد بن الهيثم: سمعت أبا عبد اللَّه -يعني أحمد بن حنبل- يحكي عن محمد بن مقاتل (٤) قال: شهدت هشامًا وهو يقرئ كتابًا، فانتهى بيده إلى مسألة فجازها، فقيل له في ذلك، فقال: دَعُوه، وكره مكاني، فتطلَّعتُ في الكتاب، فإذا فيه: لو أن رجلًا لَفَّ على ذكره (٥) حَرِيرَةً في شهر رمضان ثم جامع امرأته نهارًا فلا قضاء عليه ولا كفارة.

فصل (٦) [من الأدلة العقلية على تحريم الحيل]

ومما يدل على بطلان الحيل وتحريمها أن اللَّه سبحانه إنما أوجب الواجبات وحرَّم المحرمات لما تتضمن من مصالح عباده في معاشهم ومَعَادهم؛ فالشريعة لقلوبهم بمنزلة الغذاء الذي لا بد لهم منه والدواء الذي لا يندفع الداء إلا به، فإذا احتال العبدُ على تحليل ما حرم اللَّه وإسقاط ما فرض اللَّه وتعطيل ما شرع اللَّه كان ساعيًا في دين اللَّه بالفساد من وجوه:

أحدها: إبطاله (٧) ما في الأمر المحتال عليه من حكمة الشارع ونقض حكمته فيه ومناقضته له.

والثاني: أن الأمر المحتال به ليس له عنده حقيقة، ولا هو مقصوده، وهو (٨)


(١) سبق تخريجه.
(٢) زاد (د): قبلها: "هل" ووضعها بين معقوفتين، ولا وجود لها في سائر الأصول، ولا في "بيان الدليل".
(٣) في "بيان الدليل" (ص ٣٤٤): "ما أسمج هذه"!.
(٤) كذا في (ق) و (ك)، وفي سائر النسخ: "مقاتل بن محمد"!! والصحيح ما أثبتناه، وهو المروزي، أبو الحسن الكسائي، لقبه (رُخ)، روى عنه أحمد في "المسند" (٤/ ٣٥٢، ٣٩١)، ترجمته في: "الجرح والتعديل" (٨/ ١٠٥)، و"تاريخ بغداد" (٣/ ٢٧٥)، و"ثقات ابن حبان" (٩/ ٨١).
(٥) في (ك): "ذكر فرجه".
(٦) بدايات هذا الفصل أخذها ابن القيم من "بيان الدليل" (ص ٣٤١ - فما بعدها)، بشيء من التصرف.
(٧) في المطبوع: "إبطالها".
(٨) في (د) و (ط): "بل هو"، وقال (د): "نسخة: وهو ظاهر المشروع".
قلت: وفي "بيان الدليل": "بحيث يكون ذلك محصلًا لحكمة الشارع فيه ومقصودًا به".

<<  <  ج: ص:  >  >>