للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[واجب الحاكم]]

وقوله: "وآس الناس (١) في مجلسك وفي وجهك وقضائك، حتى لا يطمع شريف في حَيْفك، ولا ييأس ضَعيفٌ من عدلك" إذا عدل الحاكم في هذا بين الخَصْمين فهو عنوان عدله في الحكومة، فمتى خص أحد الخصمين بالدخول عليه، أو (٢) القيام له، أو صَدْر المجلس، أو الإقبال عليه والبشاشة له، والنظر إليه، كان عنوان حَيْفِه وظلمه، وقد رأيت في بعض التواريخ [القديمة] (٣) أن أحد قضاة العدل في بني إسرائيل أوصاهم إذا دفنوه أن ينبشوا قبره بعد مدة، فينظروا هل تغيَّر منه شيءٌ أم لا، وقال: إني لم أَجُرْ قط في حكم، ولم أحاب فيه، غير أنه دخل عليَّ خصمان كان أحدهما صديقًا لي فجعلت أصغي إليه بأُذُني أكثر من إصغائي إلى الآخر، ففعلوا ما أوصاهم به، فرأوا أذنه قد أكلها التراب، ولم يتغير جسده (٤).

[[في تخصيص أحد الخصمين مفسدتان]]

وفي تخصيص أحد الخصمين بمجلس أو إقبال أو إكرام مَفْسَدَتان:

إحداهما (٥): طمعه في أن تكون الحكومة له، فيَقْوى قلبُه وجنانُه.

والثانية: أن الآخر يَيْأس من عدله ويضعف قلبه، وتنكسر حجَّتُه.

[[معنى البينة]]

وقوله: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" البينة في كلام اللَّه و [كلام] (٦) رسوله، وكلام الصحابة: [اسم] (٧) لكل ما يُبين الحقَّ، فهي أعم من البينة في اصطلاح الفقهاء، حيث خصوها بالشاهدين (٨)، أو الشاهد واليمين، ولا حَجْر في الاصطلاح؛ ما لم يتضمن حَمْل كلام اللَّه ورسوله عليه، فيقع بذلك الغَلَط في فَهْم النصوص، وحملها على غير مراد المتكلم [منها] (٩).


(١) في (ق) و (ن): "وآس بين الناس".
(٢) في (ق): "و".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(٤) أخرج النهرواني في "الجليس الصالح" (٤/ ٩٢) نحوه بسندٍ إلى بشر بن عبد اللَّه ابن سيار أنَّ رجلًا من بني إسرائيل حضره الموت. . . به. ونحوه في "تنبيه الخواطر" (ص ٦٠٨).
(٥) في (ق): "أحدهما".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ق) و (ك).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٨) في (ق) و (ك): "خصوا بها الشاهدين".
(٩) ما بين المعقوفتين سقط من (ن)، وفي (ق): "بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>