للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فيما (١) أُدلي إليك" [أي ما توصل] (٢) به إليك من الكلام الذي يُحكم به بين الخصوم، ومنه قولهم: أَدلى [فلان] (٣) بحجَّتِه، وأدلى بنَسَبه، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} [البقرة: ١٨٨] أي: تضيفوا ذلك إلى الحكام، وتتوصلوا بحكمهم إلى أكلها.

فإن قيل: لو أُريد (٤) هذا المعنى لقيل: "وتُدْلُوا بالحكام إليها" وأما الإدلاء بها إلى الحكام فهو التوصل بالبرطيل (٥) بها إليهم، فَتَرْشُوا الحاكم لتتوصلوا (٦) بِرِشْوَتِهِ إلى أكله (٧) بالباطل.

قيل: الآية تتناول النوعين: فكل منهما إدلاء إلى الحكام [بسببها] (٨)، فالنهي عنهما معًا.

وقوله: "فإنه لا ينفع تكلُّم بحق لا نفاذ له" ولايةُ الحق: نفوذُه، فإذا لم ينفذ كان ذلك عزلًا له عن ولايته، فهو بمنزلة الوالي العدل الذي في توليته مصالح العباد في معاشهم ومعادهم، فإذا عزل عن ولايته لم ينفع، [ومراد عمر بذلك] (٩): التحريض على تنفيذ الحق إذا فهمه الحاكم، ولا ينفع، تكلمه به إن (١٠) لم يكن له قوة [على] (١١) تنفيذه، فهو تحريض منه على العلم بالحق والقوة على تنفيذه، وقد مدح اللَّه سبحانه أُولي القوة في (١٢) أمره، والبصائر في دينه فقال: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} [ص: ٤٥] [فالأيدي: القوي] (١٣) على تنفيذ أمر اللَّه، والأبصار: البصائر في دينه.


(١) في المطبوع و (ك): "فما".
(٢) في (ن): "فيما توصل"، وفي (ك): "فيما يتوصل" وفي (ق): "مما يتوصل".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(٤) في المطبوع: "فلو أراد".
(٥) "الرشوة، وبرطله: رشاه" (و).
(٦) في (ق) و (ك): "فيرشوا الحاكم ليتوصلوا".
(٧) في المطبوع: "الأكل".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٩) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "وفي ذلك".
(١٠) في (ق): "إذا".
(١١) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ك).
(١٢) في (ق) زيادة: "في".
(١٣) في (ك): "والأيدي: القوة" وفي (ق): "والأيدي القوى".

<<  <  ج: ص:  >  >>