للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمره بالعدل يتناول الأمر الشرعي الديني والأمر القدري الكوني، وكلاهما عدل لا جور فيه بوجه ما، كما في الحديث الصحيح: "اللهم إني عبدك [ابنُ عبدك] (١) ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عَدْلٌ فيَّ قضاؤك" (٢) فقضاؤه هو أمره الكوني، فإنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له: كن فيكون، فلا يأمر إلا بحق وعدل، وقضاؤه وقدره (٣) القائم به حق وعدل، وإن كان في المقضي المقدر ما هو جور وظلم فالقضاء غير المقضي، والقدر غير المقدر.

[إنَّ ربي على صراط مستقيم]

ثم أخبر سبحانه أنه على صراط مستقيم، وهذا نظير قول رسوله هود (٤): {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود: ٥٦]؛ فقوله: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} نظير قوله: "ناصيتي بيدك" (٢) وقوله: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، نظير قوله: "عدل فيَّ قضاؤك" (٢)؛ فالأول ملكه، والثاني حمده، وهو سبحانه له الملك وله الحمد، وكونه [سبحانه] (٥) على صراط مستقيم يقتضي أنه لا يقول إلا الحق، ولا يأمر إلا


= أخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم ١٨٢٧) عن عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا، وخرجته بنفصيل في تعليقي على "فضيلة العادلين" (رقم ٢٠) لأبي نعيم الأصبهاني.
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٢) رواه أحمد في "مسنده" (١/ ٣٩١ و ٤٥٢)، وأبو يعلى (٥٢٩٧)، والطبراني في "الكبير" (١٠٣٥٢)، وابن حبان (٩٧٢)، والحاكم في "مستدركه" (١/ ٥٠٩) من طريق فضيل بن مرزوق، أخبرنا أبو سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه عن ابن مسعود به.
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، إنْ سلم من إرسال عبد الرحمن بن عبد اللَّه عن أبيه، فإنه مختلف في سماعه من أبيه".
قلت: سماعه من أبيه أثبته غير واحد من الأئمة، منهم سفيان الثوري وابن معين والبخاري وأبو حاتم.
وقد وقع خلاف في أبي سلمة هذا، حقق أمره شيخنا محمد ناصر الدين الألباني -رحمه اللَّه- في "السلسلة الصحيحة" (١٩٩) فراجعه فإنه هام.
ورواه البزار (٣١٢٢)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٣٤٢) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود.
وفيه عبد الرحمن بن إسحاق وهو الواسطي، وهو ضعيف ثم هو منقطع.
(٣) في (ق): "وقدره وقضاؤه".
(٤) في المطبوع: "شعيب"!.
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>