للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقول والفعل وأباحها لهم في الحرب لما [لهم] (١) فيها من المصلحة الراجحة الموافقة لمقصود الجهاد، وحَرَّم عليهم كل ذي نابٍ من السباع ومخلب من الطير (٢) وعوضهم عن ذلك بسائر أنواع الوحوش والطير على اختلاف أجناسها وأنواعها، وبالجملة فما حرم عليهم خبيثًا ولا ضارًا إلا وأباح (٣) لهم طَيِّبًا بإزائه أنفع لهم منه، ولا أمرهم بأمر إلا وأعانهم عليه فوسعتهم رحمته ووسعهم تكليفه (٤).

والمقصود أنه أباح للنساء -لضعف عقولهن وقلة صبرهن- الإحداد على موتاهن ثلاثة أيام أما الإحداد على الأزواج (٥) فإنه تابع للعدة وهو من مقتضياتها ومُكمِّلاتها، فإن المرأة إنما تحتاج إلى التزيُّن والتَّجمُّل والتعطر، لتتحبب إلى زوجها وترد لها نفسَه (٦)، ويحسن ما بينهما من العشرة، فإذا مات الزوج واعتدت منه وهي لم تصل إلى زوج آخر، فاقتضى تمام حق الأول [وتأكيد المنع من الثاني] (٧) قبل بلوغ الكتاب أجله أن تُمنعَ مما تصنعه النساء لإزواجهن، مع ما في ذلك من سَدِّ الذريعة إلى طمعها في الرجال وطمعهم فيها بالزينة والخِضَاب والتطيُّب، فإذا بلغ الكتاب أجله صارت محتاجةً إلى ما يُرغِّب في نكاحها، فأبيح لها من ذلك ما يباح لذات الزوج (٨)، فلا شيء أبلغ في الحسن من هذا المنع والإباحة ولو اقترحت عقول العالمين لم تقترح شيئًا أحسن منه.

[فصل [الحكمة في مساواة المرأة للرجل في بعض الأحكام دون بعض]]

وأما قوله: "وسوى بين الرجل والمرأة في العبادات البدنية والحدود، وجعلها على النصف منه في الدية والشهادة والميراث والعقيقة" (٩) وهذا أيضًا من


= وقد ورد موقوفًا عن عمر: أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (٩٠٨)، وابن أبي شيبة (٨/ ٧٢٣)، وهناد في "الزهد" (١٣٧٧)، والبيهقي في "سننه" (١٠/ ١٩٩)، وإسناده صحيح.
(١) ما بين المعقوفتين من (ق).
(٢) مضى تخريجه.
(٣) في (ق) و (ك) والمطبوع و (ك): "أباح".
(٤) في (ق): "تكليفهم".
(٥) في المطبوع: "على الزوج".
(٦) في المطبوع و (ق): "لتحبب إلى زوجها، وتردها نفسه".
(٧) بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "وتأكيدًا لمنع الثاني".
(٨) في (ق): "لذوات الأزواج".
(٩) للشيخ سعد الحربي "الأحكام التي تخالف فيها المرأة الرجل" ولمحمد بن عبد اللَّه الكيكي (ت ١١٨٥ هـ) في مطلع كتابه "مواهب ذي الجلال في نوازل البلاد السائبة =

<<  <  ج: ص:  >  >>