للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[أصل كل شر البدع واتباع الهوى]]

والمقصود أنه [سبحانه] (١) جمع بين الاستمتاع بالخَلَاق وبين الخوْض بالباطل؛ لأنَّ فساد الدين، إما أن يقع بالاعتقاد الباطل والتكلم به وهو الخوض، أو يقع في العمل بخلاف الحق والصواب وهو الاستمتاع بالخلاق، فالأول: البدَع، والثاني: اتّباع الهوى، وهذان هما أصل كل شر وفتنة [وبلاء] (١)، وبهما كُذَّبَت الرسل، وعُصِي الرب، ودُخِلت النار، وحَلَّت العقوبات، فالأول من جهة الشبهات، والثاني من جهة الشهوات، ولهذا كان (٢) السلف يقولون: [احْذَرُوا من الناس صِنْفَين: صاحبَ هَوًى [فَتَنَه] (٣) هواه، وصاحب دنيا أعجبته دنياه.

وكانوا يقولون:] (٤) احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل؛ فإن فتنتهما فتنة لكل مَفْتُون، فهذا يشبه المغضوب عليهم الذين يعلمون الحق ويعملون بخلافه، وهذا يشبه الضالين الذين يعملون بغير علم.

وفي صفة الإمام أحمد [-رحمه اللَّه (٥) -]: عن الدنيا ما كان أصْبَرَه، وبالماضين ما كان أشبهه، أتته البِدَعُ فنَفَاها، والدنيا فأباها. وهذه حال أئمة المتقين الذين وصفهم اللَّه في كتابه بقوله: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: ٢٤] فبالصبر تُتْرك الشهوات، وباليقين تُدفع الشبهات، كما قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: ٣]، وقوله: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} [ص: ٤٥].

وفي بعض المراسيل: "إنَّ اللَّه يحبُّ البصَرَ الناقد عند ورود الشبهات، ويُحبُّ العَقْلَ الكاملَ عند حلول الشهوات" (٦).


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) من ص ٢٥٢ إلى هنا سقط من (ك).
(٣) في (و) و (د): "فتنته"!
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٥) قال ذلك أبو عمير بن النحاس الرملي، أفاده الذهبي في "السير" (١١/ ١٩٨)، وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (١٠٨٠ و ١٠٨١)، والبيهقي في "الزهد" رقم (٩٥٢)، وأبو مطيع في "أماليه"، وأبو مسعود سليمان بن إبراهيم الأصبهاني في "الأربعين" كما في "إتحاف السادة" (١٠/ ١٠٥)، وأبو نعيم في "الحلية" (٦/ ١٩٩) من طريق هلال بن العلاء، حدثنا أبي، حدثنا عمر بن حفص العبدي عن حوشب، ومطر الوراق، عن الحسن عن عمران بن حصين مرفوعًا به، وفيه زيادة، قال البيهقي: "تفرد به عمر بن حفص".
قلت: وضعَّفه الجمهور، قاله العراقي في "تخريج الإحياء" (٤/ ٣٨٨)، وقال محقق =

<<  <  ج: ص:  >  >>