للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها] (١)، قال: ألا ترى إلى قوله: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ} (٢) فاستدرك المشيئة بإخلاده الذي هو فعله، فوجب أن يكون {وَلَوْ شِئْنَا} في معنى ما هو فعله، ولو كان الكلام على ظاهره لوجب أن يقال: لو شئنا لرفعناه، ولكنا لم نشأ" (٣).

فهذا منه شِنْشِنة نعرفها من قَدَرِيٍّ [نافٍ للمشيئة العامة، مُبْعد للنُّجْعة] (٤) في جعل كلام اللَّه معتزليًا قدريًا، فأين قوله: {وَلَوْ شِئْنَا} من قوله: "ولو لزمها" ثم إذا كان الملزوم لها (٥) موقوفًا على مشيئة اللَّه وهو الحق بطل أصله، وقوله: "إن مشيئة اللَّه تابعة للزومه الآيات" مِنْ أفْسَدِ الكلام وأبْطَلِهِ، بل لزومُه لآياته تابع (٦) لمشيئة اللَّه، فمشيئة اللَّه سبحانه متبوعة، لا تابعة، وسبب لا مسبب، وموجبٌ مقتضٍ لا مقتضًى، فما شاء اللَّه وجب وجوده، وما لم يشأ امتنع وجوده (٧).

[فصل [مثل من القياس التمثيلي (مثل المغتاب)]]

منها (٨) قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ] (٩) إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (١٢)} [الحجرات: ١٢]، وهذا من أحسن القياس التمثيلي، فإنه شَبَّه تمزيق عِرْضِ الأخ بتمزيق لحمه، ولما كان المُغْتَابُ يمزق


(١) ما بين المعفوفتين سقط من (ق) و (ك) وكذلك "كأنه" سقطت من (ق).
(٢) سقط من "الكشاف".
(٣) إلى هنا انتهى كلام الزمخشري من تفسيره: "الكشاف" (٢/ ١٠٤ - ط دار المعرفة بيروت).
(٤) بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "بأن المشبهة العاملة" ووقع بعدها في (ق): "فإن المشيئة العاملة".
(٥) في المطبوع و (ن): "اللزوم لها"، وقال في الهامش (ن): "لعله: الملزوم لها"، وما بعدها مذكور في (ن) بعد قوله: "وهو الحق"، وفي (ك) و (ق): "الملزوم" دون "لها".
(٦) في (ك): "تابعة".
(٧) انظر تفسير ابن القيم لهذه الآيات بشيء من التفصيل في كتابه القيم "الفوائد" فقد أفاد وأجاد.
ولم يتعقب ابن المنيِّر في كتاب "الانتصاف" الزمخشريَّ في هذا الموطن، ولذا فات الدكتور الشيخ صالح الغامدي في كتابه القيم "المسائل الاعتزالية في تفسير الكشاف للزمخشري".
(٨) في (ق): "ومنها".
(٩) بدلها في (ق): "إلى قوله".

<<  <  ج: ص:  >  >>