للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولك أنْ تجعلَ هذا من التشبيه المركَّب، وأن تجعله من التشبيه المُفرَّق، فإنْ جعلتَه من المركب كان تشبيهًا للكفار -في عَدَم فِقْههم (١) وانتفاعهم- بالغنم التي يَنْعِقُ بها الراعي فلا تفقهُ من قوله شيئًا غيرَ الصَّوتِ المجرَّد الذي هو الدعاء والنداء (٢)، وإنْ جعلتَه من التشبيه المفَرَّق، فالذين كفروا بمنزلة البهائم، [ودعاءُ داعيهم إلى الطَّريق والهدى بمنزلة الذي ينعق بها] (٣) ودعاؤهم إلى الطريق والهدى بمنزلة النعيق (٤)، وإدراكهم مجرد الدعاءِ والنداءِ كإدراك البهائم مجردَ صوت الناعق، واللَّه أعلم (٥).

فصل [مثل المنفقين في سبيل اللَّه]

ومنها قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١)} [البقرة: ٢٦١]؛ شبه سبحانه المُنْفِقَ في سبيله، سواء كان المراد به الجهاد، أو جميع سبل الخير من كل بر، بمن بَذَرَ بَذْرًا فأنبتتْ كل حبةٍ منه سبعَ سنابل، اشتملَتْ كلُّ سنبة على مئة حبة، واللَّه يضاعف [لمن يشاء فوق] (٦) ذلك بحسب حال المُنْفِق وإيمانه وإخلاصه وإحسانه ونَفْع نفقته وقَدْرها ووقُوعها موقعَهَا؛ فإن ثواب الإنفاق يتفاوت بحسب ما يقوم بالقلب من الإيمان والإخلاص والتثبيت عند النفقة، وهو إخراجُ المال بقلبٍ ثابت قد انشرح صدرُه بإخراجه، وسَمَحَتْ به نفسُه، وخَرَجَ من قلبه قبلَ خروجه من يده، فهو ثباتُ (٧) القلب عند إخراجه، غيرُ جَزع ولا هَلع ولا مُتْبعَه نفَسه ترجُفُ يدُه وفؤاده، ويتفاوت بحسب نفع الإنفاق ومَصَارفه بمواقعه (٨)، وبحسب طِيبِ المنفق وزكاته (٩).


(١) في (ن): "فهمهم".
(٢) "وهذا هو حال المقلِّدين والمقلَّدين" (و).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٤) في المطبوع: "ودعاؤهم إلى الهدى بمنزلة النعق".
(٥) انظر "مفتاح دار السعادة" (ص ٨٦) للمؤلف.
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٧) في (ق): "ثابت".
(٨) في (ق) و (ك): "ومصارفه في المواقع" وفي ط الجيل: "لمواقعه".
(٩) في (ق): "وزكائه".

<<  <  ج: ص:  >  >>