للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيخِنا؛ لأن تبعيَّته للأبوين قد زالت، وانقطعت الموالاةُ والميراثُ والحضانةُ بين الطفل والأبوين، وصار المالكُ أحقَّ به، وهو تابعٌ له؛ فلا يُفرد عنه بحكم، فكيف يُفرد عنه في دِينه؛ وهذا طرد الحكم (١) بإسلامه في مسألة السباء، وباللَّه التوفيق.

[فصل [ليس في الشريعة ما يخالف العقل]]

فهذه نبذة يسيرة تطلعك على ما وراءها من أنه ليس في الشريعة شيءٌ يخالف القياس، ولا في المنقول عن الصحابة الذي لا يُعلم لهم فيه مخالف، وأن القياسَ الصحيحَ دائرٌ مع أوامرها ونواهيها وجودًا وعدمًا، كما أن المعقولَ الصحيح (٢) دائرٌ مع أخبارها وجودًا وعدمًا، فلم يخبر اللَّه و [لا] (٣) رسوله بما يناقض صريح العقل، ولم يشرع ما يناقض الميزان والعدل.

[[شبهات لنفاة القياس وأمثلة لها]]

ولنفاة الحكم والتعليل والقياس هاهنا سؤالٌ مشهور، وهو أن الشريعة قد فَرَّقت بين المتماثلين، وجمعت بين المختلفين؛ فإن الشارع فرض الغُسل من المني وأَبطل الصوم بإنزاله عمدًا وهو طاهر، دون البَوْل والمذي وهو نجس, وأَوجبَ غسل الثوب من بول الصبيَّة والنَّضْحِ من بول الصبي مع تساويهما، ونقص الشطر من صلاة المسافر الرباعية وأبقى الثلاثية والثنائية على حالهما، وأوجبَ [قضاءَ] (٤) الصوم على الحائض دون الصلاة مع أن الصلاة أولى بالمحافظة عليها، وحرم النَّظر إلى العجوز الشَّوْهاء القبيحةِ المَنْظر إذا كانت حُرَّة وجوزه إلى الأمةِ الشَّابة البارعة الجمال، وقطع سارقَ ثلاثة دراهم دون مُختلسِ ألف دينار أو منتهبها أو غاصبها، ثم جعل ديتها خمس مئةِ دينار؛ فقطعها في ربع دينار، وجعل ديتها هذا القدر الكثير (٥)، وأوجبَ حدَّ الفرية على مَنْ قذف غيره بالزنا دون من قذفه بالكفر وهو شرٌّ منه (٦)، واكتفى بالقتل بشاهدين دون الزنا والقتل أكبر من الزنا، وجلد


(١) في (ق): "للحكم".
(٢) في (ن): "المعقول الصريح".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ط).
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٥) في المطبوع: "الكبير".
(٦) انظر في ذلك كله: "بدائع الفوائد" (٣/ ١٤٠ - ١٤١)، و"الحدود والتعزيرات" (٢٠٨ - ٢١٠) للشيخ بكر أبو زيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>