للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأموات، الثاني: أنه عَيَّن المستنَّ بهم بأنهم خير الخلق وأبر الأمة وأعلمهم، وهم الصحابة -رضي اللَّه عنهم- وأنتم معاشِرَ المقلدين- لا ترون تقليدَهم ولا الاستنانَ بهم، وإنما ترون تقليدَ فلان وفلان ممن هو دونهم بكثير، الثالث: أن الاستنان بهم هو الاقتداء بهم، وهو بأن يأتي المقتدي بمثل ما أتوْا به، ويفعل كما فعلوا، وهذا يبطل قبول قول أحد بغير حجة كما كان الصحابة -رضي اللَّه عنهم- عليه.

الرابع: أن ابن مسعود قد صحَّ عنه النهي عن التقليد وأن يكون الرجل إمعة لا بصيرة له (١)؛ فعُلمَ أن الاستنان عنده غير التقليد.

الوجه السابع والأربعون: قولكم قد صح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" (٢) وقال: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" (٣) فهذا من أكبر حُججنا عليكم في بطلان ما أنتم عليه من التقليد؛ فإنه خلاف سُنتهم، ومن المعلوم بالضرورة أن أحدًا منهم لم يكن يدع السُّنة إذا ظهرت لقول غيره كائنًا من كان، ولم يكن له معها قول ألبتَّة، وطريقة فرقة التقليد خلاف ذلك.

يوضحه الوجه الثامن والأربعون: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قَرَنَ سُنتهم بسنته في وجوب الاتباع، والأخذ بسنتهم ليس تقليدًا لهم، بل اتباعٌ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما أن الأخذ بالأذان لم يكن تقليدًا لمن رآه في المنام، والأخذ بقضاء ما فات المسبوق من صلاته بعد سلام الإمام لم يكن تقليدًا لمعاذ، بل اتباعًا لمن (٤) أَمرَنا بالأخذ بذلك، فأين التقليد الذي أنتم عليه من هذا؟

[[الخلف لا يأخذون بسنة ولا يقتدون بصحابي]]

يوضحه الوجه التاسع والأربعون: أنكم أول مخالف لهذين الحديثين؛ فإنكم لا ترون الأخذ بسنتهم ولا الاقتداء بهم واجبًا، وليس قولهم عندكم حجة، وقد


= وإسناده ضعيف؛ عمر بن نبهان ضعيف، والحسن مدلس، وقد عنعن.
وأما ابن مسعود فقد ورد عنه أنه قال: "من كان منكم متأسيًا فليتأس بأصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فإنهم كانوا أبر هذه الأمة" رواه ابن عبد البر (١٨١٠)، والهروي في "ذم الكلام" (ص ١٨٨) ورَزين -كما في "مشكاة المصابيح" (١/ ٦٧ - ٦٨) - وسيعزوه المصف -فيما يأتي- لأحمد، وفيه سنيد، وقد ضعف على إمامته، وهو منقطع.
(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه، وسقطت "أبي بكر وعمر" من (ك).
(٤) في المطبوع: "لما".

<<  <  ج: ص:  >  >>