للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحال وجهان (١)، والصواب جواز استفتائه وإفتائه.

قلت: وكذلك الفاسق (٢) إلا أَن يكون معلنًا بفسقه داعيًا إلى بدعته فحكم استفتائه حكم إمامته وشهادته، وهذا يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة (٣)، والقدرة والعجز فالواجب شيء والواقع شيء، والفقيه من يطبِّق بين الواقع والواجب (٤)، [وينفذ الواجب بحسب استطاعته لا من يلقى العداوة بين الواجب والواقع] (٥) فلكل زمان حكم والناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم، وإذا عم الفسوق وغلب على أهل الأرض وامتنعت (٦) إمامة الفسَّاق (٧) وشهاداتهم وأحكامهم وفتاويهم، وولاياتهم لعطلت الأحكام (٨)، وفسد نظام الخلق وبطلت أكثر الحقوق ومع هذا فالواجب اعتبار الأصلح فالأَصلح (٩)، وهذا عند القدرة والاختيار، وأما عند الضرورة والغلبة بالباطل فليس إلا الاصطبار والقيام بأضعف مراتب الإنكار (١٠).

[[هل يجوز للقاضي أن يفتي؟]]

الفائدة السادسة والثلاثون: لا فرق بين القاضي وغيره في جواز الإفتاء بما يجوز الإفتاء به (١١)، ووجوبها إذا تعيَّنت، ولم يزل أمر السلف والخلف على هذا، فإن منصب الفتيا داخل في ضمن منصب القضاء عند الجمهور، والذين (١٢)


(١) انظر: "أصول الفقه" (٤/ ١٥٤٣) لابن مفلح، و"أدب المفتي والمستفتي" (ص ١٠٧) و"شرح الكوكب المنير" (٤/ ٥٤٤) و"المسودة" (٥٥٥) و"الفروع" (٦/ ٤٢٨) و"صفة الفتوى" (٢٩) و"مختصر الطوفي" (١٨٥) و"مختصر البعلي" (١٦٧)، و"المجموع" للنووي (١/ ٧٠) و"أصول مذهب أحمد" (٧٠٤) و"المدخل إلى مذهب أحمد" (١٩٤).
(٢) في (ك) و (ق): "وكذا لفاسق".
(٣) في (ق): "الأزمنة والأمكنة".
(٤) في (ق): "الواجب والواقع".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ت) و (ق).
(٦) في المطبوع: "فلو منعت"، وفي (ق): "اتبعت".
(٧) انظر مبحث الصلاة خلف الفاسق، وكلام الإِمام أحمد في ذلك في "بدائع الفوائد" (٤/ ٦٨).
(٨) في (ت) و (ق): "أبطلت الأحكام".
(٩) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٨/ ٢٥٨، ٢٥٩)، "الجامع للاختيارات الفقهية" لشيخ الإِسلام ابن تيمية (٣/ ١٢٦٥، ١٢٦٧، ١٢٦٨).
(١٠) انظر أحكام الفساق في "الطرق الحكمية" (ص ١٧٣)، و"إغاثة اللهفان" (٢/ ٨١)، و"مدارج السالكين" (٢/ ١٦).
ووقع في (ق): "والقيام بأقل مراتب الإنكار".
(١١) في المطبوع و (ك): "بما تجوز الفتيا به".
(١٢) في (ق) و (ك): "الذين".

<<  <  ج: ص:  >  >>