للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجوزِّون قضاء الجاهل فالقاضي مفتٍ ومثبتٍ، ومنفذ لما أفتى به.

وذهب بعض الفقهاء من أصحاب [الإمام] (١) أحمد (٢) والشافعي (٣) إلى أنه يكره للقاضي أن يفتي في مسائل الأحكام المتعلقة به دون الطهارة والصلاة والزكاة ونحوها واحتج أرباب هذا القول بأن فتياه تفسير كالحكم منه على الخصم، ولا (٤) يمكن نقضه وقت المحاكمة قالوا: ولأنه قد يتغير اجتهاده وقت الحكومة أو تظهر له قرائن لم تظهر له عند الإفتاء، فإن أصر على فتياه والحكم بموجبها حكم بخلاف ما يعتقد صحته، وإن حكم بخلافها طرق الخصم (٥) إلى تهمته والتشنيع عليه بأنه يحكم [بخلاف] (٦) ما يعتقده ويفتي به، ولهذا قال شُريح: "أنا أقضي لكم ولا أفتي" (٧) حكاه ابن المنذر (٨) واختار كراهية الفتوى (٩) في مسائل الأحكام، وقال الشيخ أبو حامد الإسفرائيني: لأصحابنا في فتواه في مسائل الأحكام جوابان، أحدهما: ليس له أن يفتي فيها؛ لأن لكلام (١٠) الناس عليه مجالًا، ولأحد الخصمين عليه مقالًا، والثاني: له ذلك لأنه أهل له (١١).


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٢) انظر: "المسودة" (٥٥٥) و"أصول الفقه" (٤/ ١٥٤٦) لابن مفلح و"صفة الفتوى" (٢٩).
(٣) انظر: "المجموع" (١/ ٧٦) "روضة الطالبين" (١١/ ١٠٩) و"جمع الجوامع" (٢/ ٣٩٧)، "أدب المفتي والمستفتي" (١٠٧، ١٠٨) و"الإحكام" (٢٩ - ٤٢) و"الفروق" (٢/ ١٠٤ - ١٠٦ و ٤/ ٥٣ - ٥٤) كلاهما للقرافي.
(٤) في (ك): "فلا".
(٥) في (ق): "الجهم"، وفي الهامش: "لعله الوهم".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ت).
(٧) أخرجه ابن سعد (٦/ ١٣٨)، وعبد الرزاق (٩/ ١٦٩ رقم ١٦٩٢١)، وذكره عنه: ابن الصلاح في "أدب المفتي" (١٠٨)، والنووي في "المجموع" (١/ ٧٦)، وابن حمدان في "صفة الفتوى" (٢٩) وابن النجار في "شرح الكوكب المنير" (٤/ ٥٤٥ - ٥٤٦).
(٨) في "الإقناع" (٢/ ٥١٤).
(٩) قال في "الإقناع" (٢/ ٥١٤): "وأكره للقاضي أن يفتي في الأحكام"، وفي (ق): "كراهية الإفتاء له"، وفي (ك): "كراهيه الفتوى له".
(١٠) في (ق): "كلام" وما أثبتناه من سائر النسخ و"أدب المفتي".
(١١) نقله ابن الصلاح -وعنه النووي في "المجموع" (١/ ٧٦) - عن "تعاليق الشيخ أبي حامد الإسفرائيني". وقال ابن السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (٤/ ٦٨): "وقفت على أكثر "تعليقة" الشيخ أبي حامد، بخط سُلَيم الرازي وهي الموقوفة بخزانة المدرسة الناصرية بدمشق، والتي علقها البنْدَنيجي عنه، ونسخ أخر منها".

<<  <  ج: ص:  >  >>