للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاصدًا لضد ما يتحيل (١) عليه؟

[فصل [إبطال حيلة لتجويز بيع أم الولد]]

ومن الحيل الباطلة على أن يطا أمَتَهُ وإذا حبلت منه لم تَصِرْ أمَّ ولدٍ، فله بيعها: أن يُمَلكها لولده الصغير، ثم يتزوجها ويطؤها، فإذا ولدت منه عَتق الأولاد على الولد؛ لأنهم إخوته، ومن مَلَكَ أخاه عَتَقَ عليه.

قالوا: فإن خاف أن لا تتمشى هذه الحيلة على قول الجمهور الذين لا يجوِّزون للرجل أن يتزوج بجارية ابنه -وهو قول الإمام أحمد (٢) ومالك (٣) والشافعي (٤) - فالحيلة أن يملِّكها لذي رَحِم محرم منه، ثم يزوِّجه إياها، فإذا ولدت عتق الولد على ملك ذي الرَّحِمِ؛ فإذا أراد بيع الجارية فليهبها له، فينفسخ النكاح، وإن لم يكن [له ذو] (٥) رَحِم مَحْرَم فليملكها أجنبيًا، ثم يزوجها به (٦)، فإن خاف من رِقِّ الولد فَلْيُعلِّق الأجنبي عتقهم بشرط الولادة، فيقول: كل ولد تلدينه فهو حر، فيكون الأولاد كلهم أحرارًا؛ فإذا أراد بيعها [بعد ذلك] (٧) فليتّهِبْهَا من الأجنبي ثم يبيعها.


= أحدها: عقد القلب وعزمه كقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: ٢٢٥] أي: بما عزمتم عليه وقصدتموه.
وقال الزجاج: أي: يؤاخذكم بعزمكم على أن لا تبروا، وأن لا تتقوا، وأن تعتلوا في ذلك بأنكم حلفتم وكأنه التفت إلى لفظ المؤاخذة، وأنها تقتضي تعذيبًا، فجعل كسب قلوبهم عزمهم على ترك البر والتقوى لمكان اليمين، والقول الأول أصح، وهو قول جمهور أهل التفسير؛ فإنه قابل به لغو اليمين، وهو أن لا يقصد اليمين؛ فكسب القلب المقابل للغو اليمين هو: عقده وعزمه. كما قال في الآية الأخرى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} فتعقيد الأيمان: هو كسب القلب".
(١) في (ق) و (ك): "يحيل".
(٢) "الإنصاف" (٨/ ١٤٧)، "المغني" (٩/ ٥٧٥ - ط هجر).
(٣) "المعونة" (٢/ ٨٠١)، "الإشراف" (٣/ ٣٣٣ مسألة ١١٧١) وتعليقي عليه، "جامع الأمهات" (٢٦٦).
(٤) "المهذب" (٢/ ٤٦)، "روضة الطالبين" (٧/ ٢٠٨)، "المنهاج" (ص ١٠١).
(٥) بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "ذا".
(٦) في (ن) و (ك) و (ق): "ثم يزوجه بها".
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>