للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا حق لا خلاف فيه بين الأمة، ولكن أين في هذه الأصول ما يوجب تعجيل الفرقة بالإسلام وأن لا تتوقف على انقضاء العدة؟ ومعلوم أن افترَاقَهما في الدين سببٌ لافتراقهما في النكاح، ولكن توقف السببِ على وجود شرطه وانتفاء مانعه لا يُخرجه عن السببية، فإذا وجد الشرط وانتفى المانع عَملَ عمله واقتضى (١) أثره، والقرآن إنما دلَّ على السببية، والسنة دلَّت على شرط السبب ومانعه كسائر الأسباب التي فصَّلت السنة شروطَها وموانعها؛ كقوله {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤]، وقوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣]، وقوله: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠]، وقوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [جَزَاءً بِمَا كَسَبَا] (٢)} [المائدة: ٣٨] ونظائر ذلك؛ فلا يجوز أن يُجعل بيان الشروط والموانع معارضة لبيان الأسباب والموجبات فتعود السنة كلها أو أكثرها معارضة للقرآن، وهذا محال.

[[ذكاة الجنين]]

المثال الحادي والأربعون: رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة بأن ذكاةَ الجنين ذكاةُ أُمِّه (٣)، بأنها خلاف الأصول.


(١) في (ق): "واقتص".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط في (ق) و (ك).
(٣) أخرجه أبو داود في "السنن" (كتاب الأضاحي): باب ما جاء في ذكاة الجنين (٣/ ١٠٣/ رقم ٢٨٢٧)، والترمذي في "الجامع" (أبواب الأطعمة): باب ما جاء في ذكاة الجنين (٤/ ٧٢/ رقم ١٤٧٦)، وابن ماجه في "السنن" (كتاب الذبائح): باب ذكاة الجنين ذكاة أمّه (٢/ ١٠٦٧/ رقم ٣١٩٩)، وأحمد في "المسند" (٣/ ٣١، ٥٣)، وعبد الرزاق في "المصنف" (٤/ ٥٠٢/ رقم ٨٦٥٠)، وابن الجارود في "المنتقى" (رقم ٩٠٠)، وأبو يعلى في "المسند" (٢/ ٢٧٨/ رقم ٩٩٢)، وابن حبان (٥٨٨٩)، والدارقطني في "السنن" (٤/ ٢٧٢ - ٢٧٣، ٢٧٤)، والبيهقي في "الكبرى" (٩/ ٣٣٥)، والبغوي في "شرح السنة" (١١/ ٢٢٨ رقم ٢٧٨٩)، جميعهم من طريق مجالد بن سعيد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري رفعه.
وإسناده ضعيف لضعف مجالد، ولكنه توبع، تابعه يونس بن أبي إسحاق، وهو متفق على ثقته، وأبو الودَّاك ثقة، احتجَّ به مسلم.
وقد ضعّفه ابن حزم في "المحلى" (٧/ ٤١٩) بقوله: "مجالد ضعيف، وأبو الوداك ضعيف".
قلت: أبو الوداك وثقه ابن معين وابن حبان، وقال النسائي: "صالح". ولذا قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٤/ ١٥٧): "أمّا أبو الودَّاك فلم أرَ من ضعّفه". =

<<  <  ج: ص:  >  >>