للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [فتاوى تتعلق بالحج]]

وسألته -صلى اللَّه عليه وسلم- عائشة -رضي اللَّه عنها- فقالت: نرى الجهاد أفضل الأعمال، أفلا نجاهد؟ قال: "لكن أفضل الجهاد وأجمله حج مبرور"، ذكره البخاري وزاد أحمد: "هو لكنّ جهاد" (١).


= المزي في "تحفة الأشراف" (١١/ ٤٣٥) بأنه سليمان بن بريدة، وقال الحافظ ابن حجر -كما في "الفتوحات الربانية" (٤/ ٣٤٦) -: وقد جاء من طريق أخيه عبد اللَّه وهي أشهر.
وأما الترمذي فقال: حسن صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
قال الحافظ أيضًا: وفي ذلك نظر فإن البيهقي جزم في كتاب (الطلاق): من "السنن" بأن عبد اللَّه بن بريدة لم يسمع من عائشة.
أقول: بل الذي سبقه إلى هذا الدارقطني في "سننه" (٣/ ٢٣٣) فقد روى أحاديث من طريق عبد اللَّه عن عائشة ثم قال: هذه كلها مراسيل ابن بريدة لم يسمع من عائشة شيئًا.
لكن ما أدري ما وجه قول الإمام الدارقطني -رحمه اللَّه- فإن عبد اللَّه بن بريدة مات سنة (١٠٥ أو ١١٥) وله مئة سنة فسماعه من عائشة ممكن، حيث أدركها إدراكًا بينًا إذ إنها توفيت سنة (٥٧).
ولم أر للمتقدمين كلامًا في نفي سماعه منها، وأخوه سليمان مات (سنة ١٠٥)، وله خمس وتسعون سنة.
فإذا قلنا: إن كلا الوجهين صحيح أي من طريق عبد اللَّه وأخيه سليمان فيكون سليمان أيضًا قد أدرك عائشة إدراكًا بينًا، ولم أجد -كذلك- من نفى سماع سليمان منها، واللَّه أعلم.
وقد ذكر الحديث الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (٤/ ٥٧١) في (تفسير سورة القدر)، ونقل فيه كلام الترمذي والحاكم ولم يتعقبه بشيء.
ثم وجدت النسائي في "عمل اليوم والليلة" (٨٧٨) قد روى الحديث من طريق مسروق عن عائشة موقوفًا عليها، ورواه ابن أبي شيبة (١٠/ ٢٠٦) من طريق شريح عن عائشة أيضًا.
وهذا لا يضر ما دام أن الذي رفعه ثقات، فالنفس إلى صحة هذا الحديث تميل تطبيقًا للقواعد الحديثية، واللَّه تعالى أعلم.
(١) رواه البخاري في مواطن منها: (١٥٢٠) في (الحج): باب فضل الحج المبرور، و (١٨٦١) في (جزاء الصيد)، باب حج النساء، و (٢٧٨٤) في (الجهاد): باب فضل الجهاد والسير، من حديث عائشة أم المؤمنين.
ولفظ أحمد الذي ذكره المؤلف في "مسنده" (٦/ ٧١)، من حديث عائشة أيضًا لكن في سند أحمد يزيد بن عطاء، وهو لين الحديث كما قال الحافظ، وفي المطبوع: "لكنّ هو جهاد" والمثبت من (ك) و"المسند".

<<  <  ج: ص:  >  >>