للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتكلم بها، والتبديل تبديل لفظ بلفظ آخر، والكتمان جحده، وهذه الأدواء الثلاثة منها غيرت الأديان والملل، وإذا تأملت دين المسيح وجدت النصارى إنما تطرقوا إلى إفساده بالتأويل بما لا يكاد يوجد [قط] (١) مثله في شيء من الأديان، ودخلوا إلى ذلك من باب التأويل، وكذلك زنادقة الأمم جميعهم إنما تطرقوا إلى إفساد ديانات الرسل [صلوات اللَّه وسلامه عليهم] (١) بالتأويل، ومن بابه دخلوا، وعلى أساسه بنوا، وعلى نقطه خطوا (٢).

[[دواعي التأويل]]

والمتأوّلون أصناف عديدة، بحسب الباعث لهم على التأويل، وبحسب قصور أفهامهم ووفورها (٣)، وأعظمهم توغلًا في التأويل الباطل من فَسَد قصدُه وفهمُه؛ فكلما ساء قصده وقَصُر فهمُه كان تأويلُه أشدَّ انحرافًا، فمنهم من يكون تأويله لنوع [هوًى من غير شُبهة، بل يكون على بصيرة من الحق، ومنهم من يكون تأويله لنوع] (٤) شبهة عرضت له أخْفَتْ عليه الحق، [ومنهم من يكون تأويله لنوع هدًى من غير شبهة، بل يكون على بصيرة من الحق] (٥)، ومنهم من يجتمع له الأمران الهوى في القصد والشُّبهة في العلم.

[[بعض آثار التأويل]]

وبالجملة فافتراق أهل الكتابين وافتراق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة إنما أوجبه التأويل، وإنما أريقت دماء المسلمين يوم الجمل وصفين والحرَّة وفتنة ابن الزبيز وهلم جرا بالتأويل، [وإنما دخل أعداء] (٦) الإسلام من المتفلسفة والقرامطة والباطنية والإسماعيلية والنُّصيرية من باب التأويل، [فما امتُحن] (٦) الإسلام بمحنة قط إلا وسببها التأويل، فإن محنته إمَّا من المتأولين، وإما ممن (٧) يسلط عليهم الكفار [بسبب] (٦) ما ارتكبوا من التأويل وخالفوا ظاهر التنزيل وتعلَّلوا بالأباطيل، فما الذي أراق دماء بني جذيمة وقد أسلموا غير التأويل؟ حتى


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ق): "وعلى لفظه حطوا".
(٣) في (ت): "وقعودها".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ت) و (ق)، وقال (ط): "اختلفت الطبعات السابقة فيما بين المعقوفتين؛ فمنها من يثبته ومنها من يحذفه".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٧) في المطبوع و (ك) و (ق): "وإما أن".

<<  <  ج: ص:  >  >>