للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكفر، وفي "مصنف وكيع" أنَّ عمر بن الخطاب قضى في امرأة قالت لزوجها سَمِّني فسماها الظبية (١)، فقالت: لا، فقال لها: ما تريدين أن أسميك؟ قالت: سمّني خليّة طالق، فقال لها (٢): فأنت خلية طالق (٣)، فأتت عمر بن الخطاب، فقالت: إن زوجي طلَّقني، فجاء زوجها فقصَّ عليه القصة، فأوجع عمر رأسَهَا، وقال لزوجها: خذ بيدها وأوْجِعْ رأسها (٤). وهذا هو الفقه الحي الذي يدخل على القلوب بغير استئذان، وإن تلفَّظ بصريح الطلاق.

[لا يلتزم المخطئ والمكره بما أخطأ فيه وكره عليه من الأَيْمان والعقود]

وقد تقدم أن الذي قال لما وجد راحلته: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" أخطأ من شدة الفرح (٥)، لم يكفر بذلك وإن أتى بصريح الكفر، لكونه لم يُردْه، والمكره على كلمة الكفر أتى بصريح كلمته ولم يكفر لعدم إرادته.

[[التزام المستهزئ والهازل]]

بخلاف المستهزئ والهازل، فإنه يلزمه الطلاق والكفر وإن كان هازلًا لأنه


(١) في سائر النسخ: "الطيبة"!! وما أثبتناه هو الصواب، وكذا في (و) و (ك): "الظبية"، وعلّق قائلًا "في النهاية أنها قالت له: شبهني، فقال، كأنك ظبية، كأنك حمامة، فقالت: لا أرضى حتى تقول: خلية طالق إلخ".
قلت: قال أبو عبيد في "الغريب" (٣/ ٣٧٩): "شبهها بالناقة التي تكون معقولة، ثم تخلّى وتطلق، ولم يرد طلاقها الشرعي"، قال: "وهذا أصل لكل من تكلم بشيء يشبه لفظ الطلاق والعتاق، وهو ينوي غيره، أن القول قوله فيما بينه وبين اللَّه، وفي الحكم على تأويل مذهب عمر".
(٢) في (و)، و (ن): "قال لا".
(٣) "أراد أنها كالناقة تخلَّى من عقالها، وطلقت من العقال، وقيل: أراد بالخلية الغزيرة يؤخذ ولدها، فيعطف عليه غيرها، وتخلَّى للحي يشربون لبنها، والطالق: الناقة التي لا خطام عليها، وأرادت هي مخادعته" (و).
(٤) ذكره ابن حزم في "المحلى" (١٠/ ٢٠٠) قال: "روينا من طريق وكيع عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن خيثمة بن عبد الرحمن قال: قالت امرأة لزوجها. . ." وذكره.
وأخرجه أبو عبيد في "الغريب" (٣/ ٣٧٩) حدثنا الشيخ: اخبرنا ابن أبي ليلى به، وابن أبي ليلى سيء الحفظ.
وانظر: "مسند الفاروق" (١/ ٤١٨ - ٤١٩) لابن كثير.
(٥) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>