للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا إجماع ولا قياس صحيح ولا مفسدة ظاهرة، وغاية ما فيه أنه بيع عُلِّق على شرط، ونعَمْ فكان ماذا؟ وقد تدعو الحاجة والمصلحة إلى هذا من المرتهنين (١)، ولا يحرم عليهما ما لم يحرمه اللَّه ورسوله، ولا ريب أن هذا خيرٌ للراهن والمرتهن من تكليفه (٢) الرفْعَ إلى الحاكم، وإثباته الرهن، واستئذانه في بيعه والتعب الطويل الذي لا مصلحة فيه سوى الخسارة والمشقة، فإذا اتفقا على أنه له بالدين عند الحلول كان أصلح لهما وأنفع وأبعد من الضرر والمشقة والخسارة، فالحيلة (٣) في جواز ذلك بحيث لا يحتاج إلى حاكم أن يملكه العين التي يريد أن يرهنها منه، ثم يشتريها منه بالمبلغ الذي يريد استدانته، ثم يقول: إن وفيتك الثمن إلى كذا وكذا وإلا فلا بيع بيننا، فإن وفاه وإلا انفسخ البيع وعادت السلعة إلى (٤) ملكه. وهذه حيلة حسنة محصِّلة (٥) لغرضهما من غير مفسدةٍ ولا تضمُّن لتحريم ما أحل اللَّه، ولا لتحليل ما حرم اللَّه.

[حيلة للخلاص إذا أقرَّ بدين مؤجل]

المثال الثالث والثلاثون: إذ كان عليه دَيْن مؤجل فادعى به صاحبه وأقر (٦) به فالصحيح المقطوع به أنه لا يؤخذ به قبل أجله؛ لأنه إنما أقر به على هذه الصفة فإلزامه به على غير ما أقر به إلزامٍ بما لم يقر به (٧)، وقال بعض أصحاب أحمد والشافعي: يكون مقرًا بالحق مدِّعيًا للتأجيل، فيؤاخذ (٨) بما أقر به، ولا تُسمع منه دعواه (٩) الأجل إلا ببينة، وهذا في غاية الضعف، فإنه إنما أقر به إقرارًا مقيدًا لا مطلقًا، فلا (١٠) يجوز أن يلغي التقييد ويحكم عليه بحكم الإقرار المطلق كما لو قال: له عليَّ ألف إلا خمسين أو له عليَّ ألف من ثمن مبيع لم أقبضه، أو له عليّ ألف من نقد كذا وكذا (١١) أو معاملة كذا وكذا، فيلزمهم في هذا ونحوه أن يبطلوا هذه التقييدات كلها ويلزموه بألف (١٢) كاملة من النقد الغالب، ولا يقبل قوله: إنها


(١) في (ك): "المتراهنين".
(٢) في (ك): "تعليقه".
(٣) في (ك): "والحيلة".
(٤) في (ق): "في".
(٥) في المطبوع: "مخلصة".
(٦) في (ق): "فأقر".
(٧) انظر: "الطرف الحكمية" (ص ٢٨).
(٨) في (ك): "لتأجيله فيؤخذ" وفي (ق): "لتأجيله فيؤاخذ".
(٩) في (ق) و (ك): "دعوى".
(١٠) في (ق): "ولا".
(١١) في (ك) و (ق): "كذا وكذا ومعاملة كذا وكذا".
(١٢) في (ن): "ويلزمه مؤنة بألف".

<<  <  ج: ص:  >  >>