للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[ما يصنع المفتي في جواب سؤال يحتمل عدة صور]]

الفائدة الثامنة والخمسون: إذا كان السؤال محتملًا لصور عديدة، فإن لم يعلم [المفتي] (١) الصورة المسئول عنها لم يجب عن صورة واحدة منها، وإن علم الصورة المسئول عنها فله أن يخصها بالجواب، ولكن يقيد لئلا يتوهم أن الجواب عن غيرها، فيقول: إن (٢) كان الأمر كيت وكيت أو كان المسئول عنه كذا وكذا فالجواب كذا وكذا، وله أن يفرد كل صورة بجواب فيفصِّل الأقسام المحتملة ويذكر حكم كل قسم، ومنع بعضهم من ذلك لوجهين (٣):

أحدهما: أنه ذريعة إلى تعليم الحيل (٤)، وفتح باب لدخول المستفتي وخروجه من حيث شاء.

الثاني: أنه سبب لازدحام أحكام تلك الأقسام على فهم العامي فيضيع مقصودة.

والحق التفصيل فيكره حيث استلزم ذلك، ولا يكره -بل يستحب- إذا كان فيه زيادة إيضاح وبيان وإزالة لبس، وقد فصَّل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في كثير من أجوبته بقوله: إن (٥) كان كذا فالأمر كذا كقوله (٦) في الذي وقع على جارية امرأته "إن كان استكرهها فهي حرة وعليه لسيدتها مثلها، وإن كانت مطاوعة فهي له وعليه لسيدتها مثلها" (٧)، [وهذا كثير في فتاويه -صلى اللَّه عليه وسلم-] (٨).

[ينبغي للمفتي أن يكون حذرًا]

الفائدة التاسعة والخمسون: وهي مما ينبغي التفطن له، إن رأى (٩) المفتي خلال السطور بياضًا يحتمل أن يُلحق به ما يفسد الجواب فليحترز منه، فربما دخل من ذلك عليه مكروه (١٠)، فإما أن يأمر بكتابة غير الورقة، وإما أن يخطَّ على البياض أو يشغله بشيء، كما يحترز منه كتَّاب الوثائق والمكاتيب.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ق): "إذا".
(٣) انظر: "أدب المفتي والمستفتي" (١٣٥) و"صفة الفتوى" (٥٧) و"المجموع" (١/ ٨٤).
(٤) في (ت): "تعليم الجهل"! وفي (ق): "تعليمه الحيل".
(٥) في (ق): "كقوله: إذا".
(٦) في (ق): "وكذا".
(٧) سبق تخريجه.
(٨) ما بين المقعوفتين سقط من (ت) و (ق).
(٩) في (ق): "إذا رأى".
(١٠) في (ق): "فربما دخل عليه من ذلك مكروه".

<<  <  ج: ص:  >  >>