للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجتهد ونَظَرَ وقاس على ما أشبه ولم يألُ؛ وَسِعَهُ العمل بذلك، دفين أَخْطَأَ الذي ينبغي أن يقول به (١).

[فصل]

ولا تعارض بحمد اللَّه بين هذه الآثار، عن السادة الأخيار، بل كلها حق، وكل منها له وجه، وهذا إنما يتبين بالفرق بين الرأي الباطِلِ الذي ليس من الدين والرأي [الحق] (٢) الذي لا مَنْدُوحة [عنه] (٢) لأحد من المجتهدين، فنقول وباللَّه المستعان:

[[معنى الرأي]]

الرأي في الأصل مصدر رَأَى الشَيءَ، يَرَاهُ، رَأْيًا (٣)، ثم غلب استعماله على المْرئي نفسه من باب استعمال المصدر في المفعول، كالهَوَى في الأصل مصدر هَوِيه يَهْوَاهُ هَوًى (٤)، ثم استعمل في الشيء الذي يُهْوَى؛ فيقال: هذا هَوَى فلانٍ، والعرب تفرق بين مصادر فعل (الرؤية) بحسب محلها (٥) فتقول: رأى كذا في النوم رُؤْيا، ورآه في اليقظة رؤيةً، ورأى كذا -لما يعلم بالقلب ولا يرى بالعين- رَأيًا، ولكنهم خَصُّوه بما يراه القلب بعد فِكْرٍ وتأمل وطلب لمعرفة وجه الصواب مما تتعارض فيه الأمارات؛ فلا يقال لمن رأى بقلبه أمرًا غائبًا عنه مما يَحُسُّ به: إنه رأي (٦)، ولا يقال أيضًا للأمر المَعْقُول الذي لا تختلف فيه العقولُ ولا تتعارض فيه الأمارات: إنه رأي، وإن احتاج إلى فكر وتأمل كدقائق الحساب ونحوها (٧).


(١) ذكره ابن عبد البر (١٦٢٢) هكذا بدون إسناد.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٣) راجع "لسان العرب" (٣/ ١٥٣٧ - ١٥٤٥ - ط: دار المعارف) لابن منظور، و"القاموس المحيط" (١٦٥٨ - ط: الرسالة) للفيروزأبادي، وانظر: "الرأي وأثره في مدرسة المدينة" (ص ٣١ - ٣٨) للدكتور أبي بكر إسماعيل محمد ميقا.
(٤) في (ن): "مصدر عن هواه هوى".
(٥) في المطبوع و (ق) و (ك): "محالها".
(٦) وقع في (ق): "لا يقال" بدل "فلا يقال" وفي المطبوع: "إنه رأيه"، وفي (ن): "إنه رآه".
(٧) انظر في ذلك: "الكليات" لأبي البقاء الكفوي (٢/ ٢٩٣)، و"التوقيف على مهمات التعاريف" (٣٥٤) للمناوي، و"المفردات" للراغب (٣٠٣)، و"مصادر التشريع الإسلامي فيما لا نص فيه" (ص ٧ - ٨) لعبد الوهاب خلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>